كابوس الإيجار
تحلم أم كرم بأن تمتلك وأسرتها الصغيرة منزلاً، أو حتى مأوى يحفظ كرامتهم، لا تريد سماع أسطوانة مالك البيت التي لا تنتهي ..بدءاً من رفع الأجرة أو الدفع مقدماً لأشهر قادمة .. وحتى دفع الفواتير..ليختم في نهاية حديثه (أنا ما عندي تكية خيرية ) لمن لا مأوى لهم، لتستيقظ من حلمها وهي تهمس : نحن بالكاد نؤمن كفاف يومنا, فكيف لنا أن نؤمن منزلاً يكون ملكنا في هذا الزمن الصعب ؟
أم كرم التي دفعتها ظروف الحياة للسكن في دمشق بعيداً عن قريتها البعيدة أصبحت متنقلة من حي إلى آخر, كل ما ترجوه مأوى بأجر معقول .. أولى أولوياتها تأمين أجرة البيت أولاً ثم تأتي بقية التفاصيل اليومية حتى لا ينتهي بها المآل إلى الشارع .
هذا حال كل أسرة تعيش كابوس الإيجارات من تفاصيل التوتر والقلق على مدار الساعة من المجهول الذي ينتظرها، وهي أعجز من تحمل المزيد من الارتفاع الفلكي لإيجار المنازل، بمختلف مستوياته حيث تراوح لأقل بيت متواضع ما بين 300 ألف -500 ألف ليرة يقع في “زواريب” العشوائيات, ويفتقد أدنى الشروط الصحية, حيث لا أبواب نظامية ولا تدخله الشمس أو الهواء، الأمر الذي يجبر المستأجر على اتخاذ إجراءا ت على حسابه الشخصي مثل الترميمات الإسعافية، المهم تأمين سقف يحميه وأسرته، ومن ثم العمل على كل الجبهات لتأمين أجرة البيت ، والأنكى من ذلك أنه لدى توقيع العقد يوضع سعر مختلف عن القيمة المتفق عليها مسبقاً, تهرباً من الرسوم التي يتوجب دفعها من المؤجّر .
إذاً مشكلة الإيجارات أزلية وازدادت تعقيداً خلال سنوات الحرب .. والسؤال : كيف لم تبادر الجهات الحكومية لضبط هذه السوق التي أصبحت لها مبرراتها في ظل ارتفاع أسعارها المجنونة، و لماذا لا يتم إنشاء ضواحٍ يتم تأجيرها بسعر معقول, أو حتى سنّ تشريع قانوني يحدّ من جشع المؤجر؟، هل من بصيص أمل لحماية من يدفع الضريبة وحده (المدعو مواطن )…؟!!