خبير اقتصادي: الأولوية لزيادة الإنتاج وتحسين واقع الأجور
بادية الونوس:
بات مشهد الوضع المعيشي موجعاً فالأغلبية العظمى باتت غير قادرة على تأمين أقل متطلباتها في ظل الأسعار الملتهبة، ناهيك بالحليب ومشتقاته واللحوم التي أصبحت من المنسيات، رغم أننا في بلد زراعي بالدرجة الأولى ليبقى الرابح الوحيد هو التاجر.
أمام هذا المشهد ما هي العراقيل التي تحول دون أي تحسن وهل من حلول يمكن أن تحدث فرقاً نوعياً على المستوى المعيشي..؟
يؤكد الباحث الاقتصادي فاخر القربي أن الحرب خلّفت بشكل عام العديد من الأضرار المادية والمعنوية كما أنها تهدد الأمن القومي والغذائي ويبقى المواطن الأكثر تضرراً منها، فاليوم تعاني الأغلبية العظمى بعد حرب غير مسبوقة في تاريخ الشعوب من ضعف في الاستثمارات وانخفاض معدلات الإنتاج، وتضرر كبير بالبنية التحتية وزيادة في الركود التضخمي، وضعف القوة الشرائية نتيجة ضعف الدخل وارتفاع الأسعار في الأسواق، لهذا دفع المواطن الثمن على كل الصعد.
بسبب العقوبات وضعف الموارد
أمام كل تلك الظروف تبدو الاجراءات غير قادرة على إيجاد حلول من شأنها أن تحسن الوضع المعيشي من وجهة نظر القربي لأنها لا تمتلك القدرة على تصنيف المشكلات، ما يحول دون جعل الاقتصاد السوري يستجيب لحجم المتغيرات الاقتصادية العالمية، ولاشك أن هناك محاولات للتقليل من آثار الحرب الاقتصادية ضمن الإمكانات المالية المتاحة إلّا أن هذه المحاولات كانت قاصرة لعدة أسباب: نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة وضعف الموارد المحلية من حقول النفط والغاز واعتماد الحكومة على تأمين مواردها وزيادتها من المواطن بدلاً من مساعدته، وعلى سبيل المثال: رفع سعر الخبز والمحروقات وعدم نجاعة السياسة المالية والمصرفية المتبعة، وكذلك اللجوء إلى رفع سعر الفائدة للقروض في ظل توافر كتلة نقدية لا يستهان بها تحتاج إلى استثمارات منتجة، بالإضافة إلى الزيادة الضريبية على مفاصل الإنتاج، ما انعكس سلباً على المواطن نتيجة ارتفاع الأسعار.
مقترحات
يقترح القربي جملة من السيناريوهات المطروحة كحلول, من شأنها أن تحدث فرقاً نوعياً في هذه الظروف الصعبة كتعزيز ثقافة الإنتاج بدلاً من هيمنة عولمة الاستهلاك والاهتمام بالإنتاج الزراعي وإيصال الدعم لمستحقيه في ظل الخلل الزراعي الذي لا يرتقي لتحقيق إنتاج زراعي يوازي الدعم المقدم ، وضرورة توفير بيئة قانونية وإدارية ومالية مصرفية تسهم في انطلاقة مشاريع إنتاجية ولا سيما المتعثرة والعمل على إيجاد تناسب منصف ما بين ضرائب الدخل المفروضة وحجم الإنتاج لكل مشروع، مع تعزيز ثقافة الاعتماد على الطاقة البديلة لتحقيق نسبة إنتاج أعلى من السلع وروافع الطاقة ويسهم في خفض الأسعار في الأسواق، وزيادة رواتب الموظفين بطريقة تحقق رفع القوة الشرائية بدلاً من غرق المواطن في فوضى الأسعار التي جعلته يخشى دخول الأسواق خوفاً من “قيصر التجار”.
بالإضافة إلى تعزيز دور مؤسسات التدخل الإيجابي وجعلها منافسة بالأسعار بدلاً من اقتصارها على تقديم النظير من المواد المقننة وغيرها، وضرورة تعزيز سياسة الدعم الاجتماعي للإسهام في زيادة الإنتاج وخفض نسبة البطالة والمحافظة على ما تبقى من كفاءات وعناصر بشرية (قروض البطالة- قروض تشغيل الشباب)، ودعم المشروعات الصغيرة لكونها تسهم في تحقيق التوزع الجغرافي للإنتاج وتقوم بتغطية مساحات كبيرة من طلبات السوق المحلي وتؤمن فرص العمل وتعمل على خلق حالة تنافسية في الأسعار, وتشكيل فريق اقتصادي مشترك ما بين مؤسسات القطاع العام وشركات القطاع الخاص (المجلس الاقتصادي الوطني) بهدف وضع سياسة إنتاجية وسعرية تسهم في تقديم أفضل الخدمات بأقل التكاليف والأرباح، ما يسهم في تحقيق حالة من الفائض للتصدير بدلاً من لزوم فرائض الاستيراد.
وأخيراً ضرورة تشديد الرقابة على بيانات الاستيراد، ما يسهّل عملية تسعير المواد في الأسواق بطريقة تتناسب مع أسعارها الحقيقية.