الخَيَارُ الأَصَحُّ
لاشك أن لكل أزمة دولية تداعيات، وإن لم تظهر جليّة اليوم لكنها ستظهر لاحقاً وربما في وقت قريب.
ما حصل ويحصل في العالم ودوله -وسورية منها- لا يخرج عن نطاق تلك المنعكسات، ففي بلدنا ما إن بدأنا نخرج من حرب دمرت كل مقومات الحياة بالتزامن مع حصار اقتصادي خانق، حتى أتت أزمة كورونا التي كبّلت الكثير من الجهود وزادت في تأثر اقتصادنا كما باقي دول العالم.
اليوم مع ظروف الحرب الروسية- الأوكرانية لسنا بمنأى عن تداعياتها الاقتصادية، كوننا جزءاً من هذا العالم، الذي تعاني دوله أصلاً من تراجع في اقتصاداتها وتضخم غير مسبوق!
إن كل ما حدث ويحدث يفرض علينا الاعتماد على الذات كأساس للاستمرار والتخفيف ما أمكن من أي تداعيات محتملة، هذا الاعتماد يجب أن يبدأ من الفرد كون القوة البشرية أساساً لبناء أي بلد، إذ ليس سراً أنه لضمان نجاح أي مشروع أو بناء لابد من تدعيم أسسه ليكون متيناً وقادراً على مواجهة أي ظروف, والقوة البشرية هي عماد بناء أي بلد وأقوى محركات العمل, ما يفرض تفعيل دورها كقوة بنّاءة في تحصين بلدها، وهذا يتم عبر تأمين مقومات معيشة الفرد وتحسين دخله ليكون قادراً على العطاء، عبر زيادة الأجور والتدخل لإنهاء مسائل كالتضخم واشتداد لهيب الأسعار وضبط إيقاع السوق, بالإضافة إلى دعم الإنتاج الزراعي والحيواني؛ من خلال دعم الفلاح والمربي وتعزيز مقومات صمودهما، وتفعيل الصناعات مع التركيز على إعادة تشغيل المعامل المتوقفة، وبخبرات محلية للمساهمة في تأمين بدائل المستوردات، ما يخفف من فاتورة الاستيراد..
لا تنقصنا الكوادر والخبرات والمواد الأولية للكثير من الصناعات إذا تم التخطيط لها بشكل مدروس وإستراتيجي على المدى الطويل، وليس عبر خطط آنية إسعافية، جربنا الكثير منها سابقاً، فنجح بعضها؛ بينما كان الفشل مصير البعض الآخر.
كل تلك الإجراءات لابد أن تترافق مع المراقبة الفعلية لتطبيق الخطط ومحاربة الفاسدين أينما كانوا، الذين يسعون لتحقيق مصالح شخصية بعيداً عن المصلحة العامة.. وبغير ذلك لن تفيد أي خطط أو إستراتيجيات على الورق من دون متابعة ومراقبة لمراحل التنفيذ.
مررنا بأصعب الظروف واستطعنا التغلب عليها ولو بأبسط المقومات، واليوم لا شيء مستحيلاً, لدينا بدائل وخيارات لكنها بانتظار التوجيه الصحيح لتفعيلها.