أين هي الأولويات
تعمل الجهات المعنية على ترتيب أولوياتها في الإنفاق الحكومي وتمويل المستوردات جاهدة في ذلك لتأمين المواد الأساسية في مجالات الغذاء والزراعة والصناعة، في ظل ظروف الحصار الكبير الذي تفرضه قوى الشر، وسرقة الخيرات الزراعية والنفطية من قبلها.
ترتيب الأولويات في ظل الأزمات استراتيجية لا بديل عنها، وعلى الجهات العامة أن توازن بين مواردها وإمكاناتها المتاحة واحتياجات المواطنين والاقتصاد الوطني، وهذا أمر يجب أن يتم بناءً على دراسات وأسس سليمة مبنية على الأرقام الواقعية.
الواقع يقول: إن أولوياتنا الاقتصادية يجب أن تركز على تأمين الاحتياجات الغذائية والدوائية وضمان المواد الأساسية لزراعتنا وصناعتنا بما يحرك عجلة الاقتصاد ويحقق الاكتفاء الذاتي وصولاً إلى الأمن الغذائي، وهذا ما يجعلنا نطرح التساؤلات حول القرار الأخير المتعلق بالسماح باستيراد مكونات السيارات لشركات تجميعها وفقاً لشروط معينة.
تجربتنا مع مثل هذا النوع من الاستثمارات قديمة ولم تحقق أيَّ قيمة مضافة لاقتصادنا, ولم تشكل نقطة انطلاق لإقامة صناعات مرتبطة بها، واقتصر دورها على استيراد معظم المكونات وإعادة تجميعها، كما أنها لم تسهم في تخفيض أسعار السيارات المجمعة التي ترتبط بتكاليف استيرادها مثلها مثل أي سيارات كاملة مستوردة من الخارج.
لكن وضع فترة عامٍ للانتقال إلى تجميع مكونات السيارات الكهربائية يعد قراراً صائباً في ظل التحولات العالمية نحو وسائل النقل التي تعتمد على الطاقات البديلة والتي تشهد تكاليف اعتمادها انخفاضاً تدريجياً مع التطور العلمي في هذا المجال، إلّا أن الحديث عن تطبيقه في أسواقنا مازال مبكراً لأننا نحتاج إلى سنوات طويلة حتى نؤمن البنى التحتية اللازمة قبل أن نفكر في صناعة السيارات الكهربائية .
بالعودة إلى موضوع الأولويات نحن بحاجة إلى المكننة الزراعية الحديثة القادرة على زيادة إنتاجية زراعتنا, وكذلك تحديث الموجود بين أيدينا وتأمين الصيانة وقطع الغيار، فمثلاً نسبة كبيرة من الحرائق الحاصلة أثناء موسم الحصاد تعود إلى قدم حصاداتنا وعدم صيانتها وتركيب القطع المطلوبة، كما أن ارتفاع تكاليف الإنتاج يعود في نسبة كبيرة منه إلى قدم تجهيزاتنا الزراعية التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود مقارنة بالحديث .
لهذا فإذا رتَّبنا أولوياتنا ضمن الظروف الحالية سنجد أن آخر ما نحتاج إليه هو تجميع السيارات التقليدية أو الكهربائية.