اخر فنون الغرب .. الكذب لتجويع الشعوب

باسم المحمد:
يستمر الكذب الأمريكي والغربي فيما يخص معظم المشكلات الدولية والأزمة الأوكرانية على وجه الخصوص، لا سيما تحميل روسيا وزر أزمة الحبوب والغذاء العالمية.
وذلك رغم أن هذه الدول هي من تقوم بمنع سفن النقل الروسية المحملة بالحبوب والغذاء من الإبحار وتحظر أي دعم أو صيانة لها في معظم موانئ العالم لو غامرت وقامت بالإبحار، كما ترفض شركات التأمين تغطية أي أخطار تتعرض لها السفن الروسية، أو تلك الأجنبية التي تبحر من وإلى الموانئ الروسية ، هذا إضافة إلى ممارسة البنوك العالمية حصارا على كل التعاملات المالية مع روسيا، مع وقف استخدام روسيا لنظام (سويفت) في تعاملاتها الدولية.
وتبدو الأكاذيب الغربية واضحة عندما تبرر ارتفاع أسعار الغذاء العالمية ومستلزمات إنتاجها بالأزمة الأوكرانية وعدم قدرة كييف على تصدير منتجاتها الزراعية، علما أن نصيب أوكرانيا من المحصول العالمي من الحبوب لا يتجاوز 2.5%، أي حوالي 20 مليون طن من إجمالي حوالي 800 مليون طن مجموع الإنتاج العالمي.
وتتناسى دول الغرب التخريب الهائل الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية للاقتصاد العالمي وسرقتها خيرات العالم عبر ربط الاقتصاد العالمي بالدولار الأمر الذي يحمل الشعوب تبعات اي أزمة اقتصادية داخلية تصيب أمريكا .

فقاعة الدولار
أدى توسع البنوك المركزية الغربية بطباعة النقود الورقية إلى حدوث أزمة تضخم عالمي رفعت تكاليف الإنتاج بمختلف قطاعات الاقتصاد العالمي لاسيما القطاع الغذائي ، فقبل الأزمة المالية العالمية عام 2008 كان هناك حوالي 800 مليار دولار متداول في العالم أقل من 300 منها في الولايات المتحدة وأكثر من 500 مليار في دول أخرى.
والآن عدد الدولارات في العالم يقترب من 9 تريليونات ، أي إن الولايات المتحدة زادت عدد الدولارات المتداولة 11 مرة في 14 سنة فقط.
ولم يكن هناك نمو في الاقتصاد الأمريكي، وحفزت أمريكا الإنتاج من خلال القروض، وخلقت طلبا مقابل 10 تريليونات دولار، وتم شراء النفط والغاز والسلع الاستهلاكية من الدول المنتجة باستخدام هذا المال.
ويتوقع الخبراء ان تنفجر هذه الفقاعة قريبا وتنخفض قيمة الدولار، خلال أشهر قليلة قادمة مع انخفاض عدد الدولارات المتداولة ما سيؤدي إلى انخفاض الطلب وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وانهيار البورصات ومن ثم سيضطر الاحتياطي الفيدرالي لاستئناف طباعة الدولارات، ليس تريليونات، ولكن عشرات التريليونات، وبعد ذلك سيبدأ التضخم المفرط.
وبذلك سيقود الفيدرالي الأمريكي الاقتصاد العالمي إلى الهوة بأقصى سرعة، نتيجة الإفراط في استخدام سياسات التيسير الكمي منذ عام 2008، في محاولة لمعالجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الأزمة العالمية التي تسبب فيها الجهاز المصرفي الأمريكي، وكذلك خلال أزمة جائحة كورونا، لدرجة طباعة أكثر من 25 مليار دولار من دون غطاء، في محاولة من أمريكا للتخفيف من أثر الأزمة على اقتصادها وقصر النظر على الاقتصاد الأمريكي من دون الاقتصاد العالمي.
وهذا ما ستكون له آثار سلبية كبيرة، وسيقود الاقتصاد العالمي إلى موجة كساد كبرى، سوف تتخطى في آثارها الكساد العظيم الذي ضرب العالم في ثلاثينيات القرن الماضي، وسيسبب مزيدا من قرارات رفع الفائدة وفي النهاية بكساد ضخم سيضرب العالم.

أزمة الأسمدة
تتوالى التحذيرات من أن التوتر الناجم عن الصراع الدائر في أوكرانيا والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا سيرفعان أسعار الأسمدة عالميا، ما قد يدفع بالنظام الغذائي العالمي إلى كارثة. حيث دفعت أسعار الأسمدة المرتفعة بشدة المزارعين في جميع أنحاء العالم إلى تقليص استخدامها وتقليل مساحة الأراضي التي يزرعونها، وعلى أثره حذر خبراء الصناعة الزراعية من نقص في إمدادات الغذاء العالمية.
وأدت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وهي مُصدر رئيسي للبوتاسيوم والأمونيا واليوريا ومغذيات أخرى للتربة، إلى تعطيل شحنات هذه الأسمدة الرئيسية حول العالم، التي تعد بمنزلة مفتاح الحفاظ على محاصيل الذرة وفول الصويا والأرز والقمح، ويسعى المزارعون حول العالم جاهدين للتكيف مع هذه الظروف.
ووفقا لبيانات مجموعة رابوبانك الهولندي، وهو ثاني أكبر بنك في هولندا من حيث إجمالي الأصول، فروسيا وبيلاروس كلاهما شكلتا أكثر من 40% من الصادرات العالمية من البوتاسيوم العام الماضي، وهو واحد من ثلاثة مغذيات أساسية تستخدم لتعزيز إنتاج المحاصيل الزراعية.
إضافة إلى ذلك، استحوذت روسيا على حوالي 22% من الصادرات العالمية من الأمونيا، و14% من صادرات العالم من اليوريا وحوالي 14% من فوسفات الأمونيوم الأحادي- وكل هذه المواد تعتبر من الأنواع الرئيسية للأسمدة.

كما تعد روسيا وأوكرانيا منتجين رئيسيين للحبوب. ويشكلان معا حوالي 30% من صادرات القمح العالمية و20% من صادرات الذرة.
وقال ماكسيمو توريرو، كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة: إن “أزمة الأسمدة تثير القلق لأنها قد تمنع إنتاج الغذاء في بقية العالم، وإذا لم نحل مشكلة الأسمدة، فسنواجه مشكلة خطيرة للغاية تتعلق بإمدادات الغذاء العام المقبل”.

تعهدات روسية
في المقابل لا تنفك روسيا عن استعدادها للمساهمة في حل أزمة العالم الغذائية، وكان آخرها ما أكده الرئيس فلاديمير بوتين عن استعداد روسيا لإمداد السوق العالمية بخمسين مليون طن من الحبوب، محملا العقوبات الغربية مسؤولية ارتفاع أسعار الغذاء والأسمدة في السوق الدولية.
تصريحات بوتين تأتي بعد اجتماع في سوتشي برئيس الاتحاد الإفريقي مكي سال الذي حمل معه ملف الأزمة الغذائية العالمية وتأثر البلدان الإفريقية بتداعيات العقوبات المفروضة على روسيا، والتي عطلت سلاسل التوريد وحرمت العديد من البلدان القارة من تأمين حاجياتها من الحبوب والأسمدة.
وفي هذا السياق أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا استعداد موسكو لتصدير الحبوب إلى كل الدول في حال رفع العقوبات المتعلقة بمنع السفن الأجنبية من دخول الموانئ الروسية، والقيود على التعاملات المصرفية.
من جانبه أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه لا يوجد حل لأزمة الغذاء العالمية سوى إعادة الاندماج الفوري لكل من روسيا وأوكرانيا في أسواق الغذاء العالمية ورفع قيود التصدير.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار