بصباح العصافير والحبِّ أولغا ميسينكو: هكذا تظلين امرأة لمئة عام

راوية زاهر:
(كيف تظلين امرأة لمئة عام)، كتاب للدكتورة أولغا ميسنيكوفا وترجمة الدكتور غسان محسن المتني إصدار الهيئة العامة السورية للكتاب، كتاب ورغم سيطرة النصائح الطبية، لكنه لا يخلو من متعة وجاذبية وطرافة، خلال نصائح أولغا بكيفية حب الحياة، وألّا نخاف العشق والجمال والحب، لا نأسف ولا نشتكي، ولا نخاف من الشيخوخة.. كتاب يرى أن الشيخوخة ليست توقفاً للحياة، بل هي استمرار جميل لكل شيء.. وطبيبة الشيخوخة أولغا، تُعلِّم قارئي كتابها كيف يكونون نشيطين في كل الأعمار، وخاصة في أرذله، وكيف يحتفظون بالقوام والشكل، وكيف يكونون محبوبين، جذابين، أصحاء.. فأفردت صفحات للحديث عن تجربتها العظيمة، غير محرجة من عمرها الذي قارب تسعين عاماً، وهي بكامل جمالها وألقها الروحي والنفسي والجسدي.. فخورة بنفسها، وبمسيرة حياتها الشخصية والعملية، معتبرةً أن الغضب يهدّ الجسم في الوقت الذي تبنيه الطيبة والمحبة.. فتعلمنا طريقة العيش بسلامٍ مع جسدٍ معافى ونفس متقبلة للذات ومحبة لها.
وبدايةً مع الفصل الأول، كان للطبيبة وقفة مع ضرورة الحركة: (تحركوا وعيشوا الحياة)، و(أنظف الأرض بيديّ) كما تحدثت عن نشاطها الرائع والتمارين الرياضية الصباحية، وميلها إلى هواية تسلق الجبال، وأعطت نماذج بالصور لكل أنواع التمارين الرياضية الواجب القيام بها لتبديد أهوال الشيخوخة، وختمت الكاتبة كل فصل بملاحظات على هامشه تتعلق بتجارب شخصية عاشتها.. وفي فصل (أحبك أيتها الحياة)، وتحت عنوانٍ عريض (نحتفظ بالاهتمام والتمتع بالحياة.. نستقبل الفجر بسعادة ونطرب لغناء العصافير)، فمن المفترض –برأيها- ملء كل الفراغات والتمتع بالحياة بكل تفصيلاتها.. فأول ما يتأثر بمداهمة الشيخوخة لأعمارنا هو الحواس، من رؤية وشم وتذوق، كذلك المخ وضعف الذاكرة، فتوصينا دائماً بالمثابرة على تحفيز المخ، وحلّ الكلمات المتقاطعة، واكتساب معارف جديدة، وقراءة الشعر، والإصغاء إلى تغريد الطيور لما لها من تأثير إيجابي وعلاجي للإنسان، فهي تهدِّئ وتفرح وتشفي الروح، وتجعل المزاج رومانسياً.. وفي فصلها الثالث دعوة لـ(لا أمنع نفسي من الطعام أبداً).. يقولون: قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت، وعلى هامش هذا الفصل تحدثت الكاتبة عن الشاب الطبيب الذي فتح صدر المريض، ومسّد له قلبه بيده بعد أن أصيب بالموت السريري، فعادت إليه الحياة.. وفي فصلٍ آخر حيث (لا مكان للتكلف والحرج)، تحت عنوان كبير (نحب ولا نخاف أن نعشق)، وأن هذا الأمر لا يلغيه التقدم في العمر، ومرفوضة فكرة عدم الحاجة إليه في مراحل متقدمة، ولابدّ منه من أجل الصحة النفسية والجسدية، فالعلاقات الغرامية تُحسّن الذاكرة وتزيد في نشاط الدماغ.. وهنا تبقى المرأة جذابة لفترةٍ طويلة، إذا أحست بنفسها على هذه الصورة، لأنّ الجاذبية تُحفظ وتُصان بالعقل قبل كل شيء.
وقدمت الطبيبة بعض نصائحها للمرأة كي تصبح جذابة، فالمرأة المتقدمة بالسن، أناقتها وقيافتها تكمنان بشيبة شعرها، ونصحتها بالقول: لا تلاحقي الموضة، لا تتصابي فهذا يُضحك الآخرين عليك، ألبسي ثياباً مرتبة بسيطة غير مزركشة.. أنت امرأة ولست جدة، ولا تتمسكي بفترة الشباب الأحمق، فإنه لن يعود، لذلك ابتعدي عن تحميل وجهك أطنان المكياج، وكوني هادئة ومتزنة.
وفي الفصل الأخير ركزت الدكتورة أولغا على ضرورة الابتعاد عن رثاء النفس وندب الحظ، وأطالت في عوامل الاكتئاب، والحالات المرافقة له، وطريقة علاجه عن طريق الأصدقاء والابتسامة، وتربية الحيوانات الأليفة في المنزل، فهي تُشكل دعماً نفسياً وتُحسّن المزاج، وكذلك البحث عن العواطف الإيجابية في الأحلام والكتب والأفلام والمسرحيات والرقص، ولا ننسى الضحك، لأن الأشخاص المرحين يعيشون طويلاً، والضحك والابتسام يزيلان التوتر، ويؤخران الشيخوخة، كما توصي: ابتعدوا عن الماضي، ولا تحسدوا ولا تتذكروا آلامه، فالعواطف ليست مصدراً للمرض، بل أفكارنا التي تخرج عن السيطرة وتصبح مصدراً للتخريب الذاتي، ورأت أولغا أن أصحاب الأمزجة الهادئة واللطيفة أكثُر سعادة في علاقتهم مع الآخرين وقراراتهم ناجحة، إنهم واقعيون ومتفائلون، لهذا نصحت: عيشوا طويلاً، كونوا أصحاء محبين، ناجحين، لا تخافوا الصعاب، ولا تنسوا أن تتغذوا جيداً، وتعتنوا بأنفسكم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار