تمزيق الكتب والكراسات ظاهرة غير صحية د. نجاتي: لها تداعيات وآثار نفسية أكثر على الطالب
ياسمين الخجا
مشاهدات تتكرر في كل سنة عند الانتهاء من العام الدراسي، إعادة تمزيق الورق في الشارع، تعبيراً عن فرح الطلاب بانتهائهم من الإرهاق والثقل النفسي والجسدي على أنفسهم.
رجل مار يتعثر بكتاب الرياضيات الذي يعدّ من أهم المواد التعليمية، ولا شك أن العائق الرئيس من الطرفين، قسم يؤهل نفسياً معتبراً أن المنهاج صعب وأن الإعداد المنهجي غير كافٍ لتحقيق النجاح أو جذب الطلاب بأساليب حديثة نحو العلم والتعليم وفقاً لما يراه بعض الأهالي، وقسم آخر يشجع على تمزيق الورق عنفاً تحت تأثير بعض الأساتذة لشعورهم بعدم المساواة داخل المدرسة بين طبقات المجتمع، من منطلق ابن فلان وابنة فلان.
هذا ما دفع إحداهن حسب مشاهدتي لرؤيتها، وهي تمزق كتاب الرياضيات ورميه مبعثراً، وتتسابق زميلاتها للسلوك ذاته أمام مدرستهم في حي الزاهرة القديمة، ما أدى لتلك الفوضى في المنطقة، والتي تتكرر سنوياً عند انتهاء العام الدراسي.
هؤلاء التلاميذ لم يفكروا في عامل النظافة والتعب الجسدي الذي يتكبده من أجل عملية التنظيف في المنطقة، نتيجة عدم توعيتهم داخل منازلهم ربما أو في المدرسة.
ولا ندري أن أفعالهم تلك ناجمة عن غلّ داخلي، كردة فعل على التمييز بين التلاميذ، سواء كان ذلك في المدارس العامة أم الخاصة، وتخصيص بعض الشعب الدرسية بالمتفوقين فقط من دون غيرهم ليخلق الحساسية بينهم، فتتولد لديهم روح الغيرة والعدوانية تجاه بعضهم.
وهذا ما يراه علماء النفس يندرج تحت عنوان فرضية التكامل مع الأفراد من نفس الزمرة والبيئة، وأيضاً شحذ الهمم نحو الدروس الخصوصية بعد الدوام، وأخذ أسعار خيالية لأنهم نخبة من المدرسين، على عكس ما يظنه الآخرون تجاه من يعمل في المدارس العامة، والظن بأنهم يحبطون التلاميذ من خلال تأنيبهم وجرح مشاعرهم، بعكس المدارس الخاصة، متناسين أن درجة الوعي والسلوك غير مرتبطة بالمدرسة فقط، بل تشمل العديد من الجوانب التي تتحدث عنها الدكتورة غنى نجاتي الاختصاصية النفسية في جامعة الشام الخاصة، بعد أن أصبحت ظاهرة اجتماعية سائدة نراها في محيط المدارس والمعاهد التربوية والأكاديمية، وهي أكثر من مجرد انعكاس غير حضاري للاهتمام بنظافة المدينة، ولها تداعيات وآثار نفسية أكثر للطالب، ربما تعود لمعاناته خلال السنة الدراسية أو الشخص الذي يمثل هذه المادة، قد تكون معاناة أستاذ غير تربوي غير لطيف أو أصدقاء متنمرين أو تقليد بعض الأصدقاء، وربما عدم تعبيره تجاه هذه المادة التعليمية، وعدم الاستماع لمشاعر الطالب من الأهل فيشعره بعدم الأمان خوفاً من الامتحان، فينتقم لنفسه من تلك المادة بتمزيق تلك الأوراق، اعتقاداً منه انتهاء الارتباط بهذه المادة، أو بالأستاذ أو تمييزه بين الطلاب بالمشاركة وإبداء الرأي، وهذا يؤثر على رغبة الطالب وميوله ورغبته بالتعليم، شخصية المعلم لها تأثير كبير للطالب.
يبرز دور الأهل في هذه الظاهرة بوضع حلٍّ بديل من خلال إعادة التدوير للكتب، وتقديم الكتب والدفاتر التالفة لجمعية حقوق الطفل المنشأة حالياً على سبيل المثال، وللأشغال اليدوية بإعادة تصنيعها في أمور أخرى.