محي الدين المحمد
يبدو أن أمريكا أدمنت افتعال الأزمات والحروب بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، وقد خاضت حربين كبيرتين بقواتها ومرتزقتها وأعادت إلى الأذهان تاريخ الدول الاستعمارية التقليدية عندما غزت أفغانستان عام 2001، وغزت أيضاً العراق عام 2003، واحتلت البلدين بشكل مباشر، لكن الحرب لم تتوقف ولو بطرق مختلفة ولاتزال مستمرة إلى الآن.
لقد قررت الإدارات الأمريكية بعد ذلك أن تتوقف ظاهرياً عن شن الحروب المباشرة، واخترعت ما يسمى القيادة من الخلف، وفي هذا الإطار شنت وتشن حروبها في ليبيا وسورية واليمن وفي معظم الحروب طويلة الأمد التي تحركها الأصابع الأمريكية.
ولعل الحرب في أوكرانيا هي الأسوأ من خلال انعكاساتها السلبية على الدول الغنية والفقيرة، والتي يجاهر الأمريكيون وعلى لسان رئيسهم جو بايدن بأنهم مستمرون في تقديم الأسلحة المتطورة إلى أوكرانيا مع تخصيص أربعين مليار دولار تضاف إلى ملياري دولار تم تقديمها كأسلحة وتوريد إر*ها*بيين ليس حباً بأوكرانيا وإنما تطبيقٌ لنهج إطفاء الحرائق بالقشّ الذي تعتمده أمريكا في تأجيج الحروب.
إن ما قامت به أمريكا وما تقوم به الآن هو نتيجة تفردها في قيادة العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، وعلى الرغم من أنها مع حلف «ناتو» تكرر التصريحات بعدم رغبتها بمواجهة روسيا عسكرياً إلّا أن ما يجري على الأرض يشير إلى أن هناك اشتباكاً عسكرياً سياسياً اقتصادياً ضد روسيا في أوكرانيا، وأن قيادة أمريكا لهذا الاشتباك ليست من الخلف وإنما في المقدمة مع يقينها بأن الحرب لن تكون إلّا لمصلحة روسيا.. ولذلك هي مستمرة في صب الزيت على نار الحرب لإنهاك العالم أجمع، حيث بات الجميع لا يخشى من خطر المجاعة فقط التي باتت تهدد معظم الدول وإنما بات يخشى من وقوع المحظور الذي قد يهدد مستقبل الحياة على كوكب الأرض.
محي الدين المحمد
6 المشاركات