إدارة المخاطر بين الضرورة والتطبيق خبير في إدارة المخاطر: عدم تبنيها في جميع القطاعات هو الخطر بحد ذاته
باسم المحمد
تعرف إدارة المخاطر على أنها تنظيم متكامل يهدف إلى مجابهة الخطر بأفضل الوسائل وأقل التكاليف وذلك عن طريق اكتشاف الخطر وتحليله وقياسه وتحديد وسائل مجابهته مع اختيار أنسبها لتحقيق الهدف المطلوب.
والهدف الأساسي والرئيس لإدارة المخاطر هو وضع سياسة ذات معالم محددة لمواجهة الخسائر المتوقعة أو الحد من وقوع هذه الخسائر، ويسمى الشخص القائم بإدارة المخاطر بمدير المخاطر وتعد وظيفة مدير المخاطر من الوظائف المهمة في المشروع وهي لا تقل أهمية عن وظيفة المدير المالي أو المدير الإداري، وبالتالي أصبحت إدارة الأخطار إحدى الوظائف الإدارية المهمة بالمشروع.
ولا تقتصر أهمية هذه الإدارة على المشروعات الخاصة بل تشمل كل الشركات الاقتصادية والتجارية والزراعية وحتى الصحية في القطاعين العام والخاص، لكن حتى يومنا هذا ورغم ظهور هذا المفهوم منذ عقود طويلة إلا أن تطبيق إدارة المخاطر بمفهومه العلمي والمباشر يمكن وصفه بالقليل والشخصي ضمن الاقتصاد السوري، وحتى لو تم تطبيقها فإن المعلومات والبيانات الأساسية المتعلقة بهذا المفهوم تعد نادرة وصعبة التجميع.
خبير إدارة المخاطر ومؤسس أول شركة متخصصة في هذا المجال الدكتور ماهر سنجر بيّن لـ«تشرين» أنه عادة ما يتم التعامل مع المتغيرات بشكل أو بآخر من الشركات والقطاعات وبغض النظر عن تبعيتها لكن ما حدث مؤخراً بعد ثورة التكنولوجيا جعل من الضروري على الجميع انتهاج منهجية إدارية جديدة في التعامل مع المتغيرات وهذا ما دفع بالكثير للتفكير بانتهاج وسائل تقلل من أثر التغيرات أو تمنح المؤسسات بعداً مرناً في استباق التغيرات.
تغيير النهج
وحسب سنجر فإنه من الجيد اليوم تغير النهج الإداري لكل المؤسسات من خلال اتباع إدارة المخاطر كأساس لاستمرارية الأعمال واستباق المتغيرات حيث شهد السوق السورية تأسيساً لأول مؤسسة متخصصة بإدارة المخاطر حيث عدّت هذه الخطوة من خطوات ريادة الأعمال في سورية حيث تعد إدارة المخاطر حالة استباقية لإدارة الكوارث والأزمات وتوقع حدوثها واستباق الإجراءات للتعامل معها.
مشيراً إلى أهمية الفكرة حيث يعدّ هذا النوع من الخدمات والمؤسسات عبارة عن ضمانة تساعد في رفع التصنيف الائتماني للدول وللشركات كما أنها تساعد بطريقة أخرى على رفع القيمة السوقية للشركات المساهمة وكأحد أفضل الممارسات الخاصة بالحوكمة، علماً أن مصرف سورية المركزي وهيئة الإشراف على التأمين أمّنوا البيئة اللازمة لتطبيق إدارة المخاطر في المصارف وشركات التأمين ولهيئة الأوراق المالية أيضاً مساهمة فعالة في هذا الأمر.
وفي السياق نفسه أشار عبد الستار أحد مسؤولي إدارة المخاطر في إحدى شركات التأمين إلى ضرورة تأسيس شركات خاصة تخدم هذا الشق الاستراتيجي المهم علماً بأن الهيئات الرقابية مثل هيئة الإشراف على التأمين قد ساهمت بشكل فعال في وضع أطر لإدارة المخاطر في قطاع التأمين ما يسهل من العمل لكن تبقى ثقافة إدارة المخاطر غير منتشرة بشكل كبير بين العامة وبين بعض القطاعات وخاصة الصناعية منها لذا يجب العمل على نشر هذه الثقافة من خلال هيئات مستقلة خاصة بإدارة المخاطر.
منهج إلزامي
وأكد سنجر أنه من الجيد اليوم أن تسير بنفس القطاعات بنفس خطوات وأن يعد موضوع إدارة المخاطر في الشركات موضوعاً ملزماً لها، حيث من الجيد اليوم لغرف التجارة والصناعة وللوزارات إلزام تطبيق إدارة المخاطر لدى الجميع فحماية موارد المؤسسات أولوية للجميع وبغض النظر عن نشاطها، كما أن إنشاء هيئة مستقلة لإدارة المخاطر موضوع ضروري لتطبيق إدارة المخاطر في المؤسسات الحكومية، حيث إن تبني فكر إدارة المخاطر في ظل حالة من عدم الاستقرار الدولي واجبة ولا بدّ من صدور دليل استرشادي لتطبيق إدارة المخاطر، وعدم تبني منهجية إدارة المخاطر في كل القطاعات هو الخطر بحد ذاته والدليل على ذلك فاعلية هذا الموضوع في القطاع المصرفي السوري رغم الظروف الصعبة التي مرّ بها خلال الأعوام الأخيرة.
وقال سنجر: لا يمكن اليوم اجتزاء الموضوع من خلال التطبيق الشكلي وكأنه متطلب عادي بل يتوجب تطبيقه بطريقة آلية منهجية فمن متطلبات التحول الرقمي هو توفر إدارة مخاطر فعالة دون ذلك ستبقى المخاطر غير مضبوطة وسنضطر فقط للمعالجة اللاحقة كما أن وجود إدارة المخاطر سيعيد تفعيل الإدارات المترهلة وغير فاعلة ويعيد ضبط استثمار الموارد بالشكل الأمثل.