الإيجارات في حي الـ/86/ تفاقم معاناة ذوي الدخل المحدود
منال صافي:
قفزت أسعار الإيجارات في حي المزة /86/ بدمشق مؤخراً إلى أرقام قياسية، ولطالما كانت هذه المنطقة العشوائية تستوعب الأعداد الكبيرة من ذوي الدخل المحدود من موظفين وطلاب جامعات، غير أن واقع الحال اليوم ينبئ بعجز هذه الشريحة عن القدرة على الاستمرار بدفع الإيجار مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر على البلاد، إذ وصل سعر الغرفة الواحدة ما بين /75- 150/ ألف ليرة، أما الشقة المكونة من غرفتين وما فوق فيتراوح إيجارها بين /200-350/ ألف ليرة.
تقتسم دينا، وهي طالبة جامعية، الغرفة مع فتاة ثانية لتخفيف عبء الإيجار عنها، أما سعيد فكان يقطن قبل الأزمة في ريف دمشق، لكن دخول العصابات الإر*ها*بية للمنطقة دفعه للخروج منها ليقطن في حي الـ/86/ بحثاً عن الأمان له ولعائلته. يقول: ما أتقاضاه أنا وزوجتي من القطاع العام يذهب لدفع إيجار المنزل البالغ /250/ ألف ليرة، ولكي نستطيع العيش حتى نهاية الشهر أعمل سائق “تكسي” حتى ساعة متأخرة من الليل وتعمل زوجتي في عيادة طبيب.
الوضع المعيشي الصعب دفع أيضاً عصام الذي كان يقطن في منطقة راقية بالمزة لتأجير منزله بمبلغ مليون ونصف مليون ليرة شهرياً واستئجار منزل في حي الـ/86/ بمبلغ /300/ ألف ليرة، مؤكداً أن فارق السعر يمكّنه من الإنفاق على عائلته بعد تعرضه لإصابة في العمود الفقري، ناجمة عن حادث سيارة منعته من مزاولة أي عمل.
في المقابل يتقاضى أبو محمد /300 / ألف ليرة شهرياً بدل إيجار منزله ويعدّه مورد الرزق الوحيد و”سترته في أيامه الأخيرة” فراتبه التقاعدي لا يغطي ثمن أدويته، ورغم تعاطفه مع المستأجر لكنه يؤكد أن ما في اليد حيلة، فهو أيضاً يريد أن يعيش.
زهير صاحب مكتب عقاري يؤكد أن هناك ضغطاً سكانياً كبيراً شهدته المنطقة منذ بداية الحرب الإ*رها*بية على البلاد نظراً لقربها من مركز المدينة وتوافد أعداد كبيرة من المهجرين إليها ومن كل المحافظات بحثاً عن الأمان، مضيفاً: قبل الأزمة كان سعر إيجار الشقة ما بين /4000-6000/ ليرة.
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي عمار يوسف لـ”تشرين” أن الجهات الحكومية لا يمكنها التدخل لتحديد التسعيرة المناسبة لبدل الإيجارات وضبط هذه السوق في أي منطقة لأن العقد شريعة المتعاقدين وأن هذه العملية تخضع للعرض والطلب، لافتاً إلى أن تراجع القدرة الشرائية لليرة السورية له تأثير كبير على ارتفاع أسعار الإيجارات، وأن المؤجِّر في نهاية الأمر هو مواطن يعيش في البلاد ويتعرض للغلاء نفسه بالوضع المعيشي الذي يتعرض له المستأجر.
ورأى يوسف أن الحل يكمن في المعالجة الشاملة للوضع الاقتصادي في البلاد من خلال خطة حكومية تبدأ بدعم حوامل الطاقة مروراً بدعم مستلزمات الإنتاج الزراعي والقطاع الصناعي، وتنتهي بزيادة الرواتب والأجور.