هذا الغرب الذي اعتمد ساسته سياسة إشهار “سيف العدالة “في وجه الخصوم واتهامهم بارتكاب “مجازر مروّعة وجرائم حرب شنيعة” ، وإن كانت مفبركة تجده في الأمس عندما قام جنود الكيان الصهيوني باغتيال الصحفيّة أبو عاقلة بدمٍ بارد يتلعثم في أحاديثه وتصريحاته الخجولة عن ضرورة إجراء تحقيق مستقل أو بمشاركة القاتل أو غيرهما من العبارات التي قد تصل إلى مرحلة تسويغ الفعل الإجرامي الموصوف.
لم نسمع أحداً من الساسة الغربيين يصف قادة الكيان الصهيوني الذين ارتكبوا آلاف الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بمجرمي الحرب الذين يجب سوقهم إلى محكمة الجنايات الدولية والشواهد والإثباتات عليهم لا تُعدّ ولا تُحصى، في حين نجد هؤلاء الساسة المنافقين قد أقاموا الدنيا، ولم يقعدوها على روسيا ذاهبين إلى درجة الحكم المطلق على القيادة الروسيّة بارتكاب “جرائم حرب “مشكوكٍ في مكانها وزمانها وفاعليها.
من غرائب هذا الزمن الرديء أنّ من يطلق أحكام العدالة وحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية هو نظام جذوره التاريخية قامت على الاستعمار والقتل والإر*ها*ب، وحاضره الراهن يقوم على الكذب والخداع والتضليل وليّ عنق الحقيقة بعيداً عن المجرم الحقيقي واتهام الآخرين بما ليس فيهم، وتأليب الرأي العام العالمي عليهم لمجرد أنّهم خصوم، أو لا يسيرون وفق أجندة النفاق والقمع والخداع التي يتبعونها.
الغرب الذي جنّد كل ما لديه من سلاحٍ ودعاية إعلامية وتضليل وتزييف واتهام ضد رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين الذي يدافع عن أمن بلاده القومي والوجودي ضد طمع هذا الغرب وطغيانه، نراه صباحاً ومساء يهدّد الرئيس بوتين بالإدانة بجرائم الحرب في أوكرانيا التي لم يمضِ على العملية الخاصة فيها سوى بضعة وسبعين يوماً، في حين يخرس ويصمت ويسوّغ لكيانٍ غاصبٍ منذ بضعة وسبعين عاماً جرائم لا تُعدّ ولا تُحصى بحق شعبٍ سُلبت أرضه وانتُهكت مقدّساته، وهُجّر أبناؤه، وقُتل صحفيّوه وقادته، ويهدد آخرين بالقتل غداً وبعد غدٍ، فماذا نسمي ديمقراطيته هذه سوى «ديمقراطية الزيف» أم «زيف الديمقراطية»؟.
الكل سيان، فمن كانت جذوره احتلالية وحاضره تضليل وخداع، فبالتأكيد لن ينتج سوى الكذب والافتراء.