نصوص وكُتّاب
يبدو أن هذا الموسم الدرامي، يرفض الاعتراف بالنهايات.. والبداية هذه المرة، تأتي من التصريحات واللقاءات الصحفية، وما فيها من اتهامات وإدانات مُتبادلة، اعتراضات على أداء، تحليلات لشخصيات، لوم للبعض وهجوم على آخرين، وعلى تعدد الغايات، بين من يرغب في تسخيف نجاح عملٍ ما أو تسويغ عدم ارتقائه إلى ما حققته أعمالٌ أخرى من جماهيرية، نجد أنفسنا دائماً، عند نقطةٍ أولى هي “النص”، مرجعية، لا يُغطي التنفيذ الجيد على قصورها، الضعف فيها سيظهر في زاويةٍ ما، أحداث مبتورة زمنياً، ردّات فعل مُتناقضة، حشو درامي، مبالغات، إقصاء لآراء، وغير ذلك، مما يستطيع أي مُشاهدٍ، التقاطه.
ما حصل من صدامات بين صنّاع الدراما، في شهر العرض الأخير، يذهب بإشكالية “النص” نحو اتجاهٍ آخر، ويفتح الباب مجدداً للحديث المُغيّب عن حماية حقوق المؤلف، الملكية الفكريةِ والأدبيةِ لنصوصه في أي مجالٍ كانت، وآلية التعاطي مع شركات الإنتاج، والأجور القليلة التي يتقاضاها الكتّاب، إضافة إلى التعديلات والتغييرات التي يُطلب إجراؤها على النص، ليصبح في النهاية نصاً آخر، تغيب عنه خصوصية صاحبه وموقفه، لمصلحة رؤية المُنتج، وما جرى عدة مرات باستقدام كتّاب وتكليفهم بتبديل أو تعديل النص الدرامي الأصلي، كأنه مجرّد فكرة عامة، يُمكن التعاطي معها بمختلف الأشكال، ما دامت تتلاءم مع فكرة العرض على المحطات التلفزيونية.
كتّابٌ التقيناهم تمنوا دعوتهم إلى مواقع التصوير، ليروا كيف أصبحت أفكارهم ورؤاهم، هؤلاء تابعوا مسلسلاتهم على الشاشة كغيرهم من المُشاهدين، آخرون فُوجئوا بخطوطٍ ووقائع درامية، أُقحِمت فيما كتبوه، البعض مُنِعت أعمالهم من العرض، من دون وجه حق، ولأسبابٍ شخصية أو وهمية، وهناك من تذكروه عند الفشل، فنسبوا إليه كل أخطائهم. أحدهم يزور إحدى الشركات، ينتظر نصف ساعة ليقابل مسؤولاً ما، ثم يُطلب منه أن يترك مُوجزاً عن نصه، ليتم التواصل معه في حال الموافقة، وفي الشركة نفسها، تُجرى المقابلات بناءً على الوساطات والعلاقات الشخصية، وفي غيرها تُعطى الأولوية للكتّاب المعروفين، على حساب الأسماء الجديدة.
يتململ كثيرون من تكرار الكلام عن إشكاليات النصوص والكُتّاب، ويُقللون من أهمية مناقشتها، مقارنةً بغيرها من القضايا كالإنتاج أو دراما الواقع أو البيئة الشامية، في حين أنها أزمة مُتشعبة، مهّدت لما حولها.