ظاهرة الدفع الإلكتروني تنتشر بين رواد الأعمال السوريين الشباب
جوري طالبة جامعية من رواد الأعمال الشباب أنشأت دكاناً إلكترونياً لتقديم الهدايا حسب الطلب، تقول يتم إرسال طلبات الهدايا عبر الصفحة الرسمية التي أنشأتها وبعد الاتفاق المبدئي يتم تحويل دفعة مالية مبدئية لتأكيد الطلبية وبعد الانتهاء يتم تسليم الهدية وإرسال بقية المبلغ عبر حسابي الشخصي، وتؤكد جوري أن الدفع الإلكتروني سمح لها بتلقي طلبات من كل المحافظات ويتم إرسال المبلغ بسهولة وسرعة على الحساب الخاص وهذا يوفر الكثير من الإجراءات والتعقيد ويحقق سهولة بالعمل.
كيف بدأت القصة؟
كانت البداية من توطين الرواتب.. والخطوة كانت إيجابية أراحت العامل ورب العمل وتمكن العاملون والموظفون من الحصول على مستحقاتهم المالية من أي مكان وأي زمان عبر الصرافات ولولا بعض العثرات التي ظهرت بفعل الحصار والأزمات وقطع التبديل، ما جعل الكثير من الصرافات خارج الخدمة، واضطر البعض للوقوف بانتظار تحصيل الرواتب والأجور، لكن رغم التأخر كانت الأمور تعود إلى طبيعتها والخطوة في حد ذاتها كانت إيجابية وفي الاتجاه الصحيح.
اليوم بدأ مصرف سورية المركزي يسير باتجاه المزيد من تقديم التسهيلات باتجاه خدمات الدفع الإلكتروني وكان من أبرزها إطلاق مصرف سورية المركزي خدمة الدفع الإلكتروني عبر القطاع المصرفي.
وتمثلت المرحلة الأولى من إطلاق منظومة الدفع الإلكتروني بربط منظومات الدفع الإلكتروني في أربعة مصارف خاصة، هي “سورية الدولي الإسلامي” و”الشام” و”سورية والخليج” و”البركة سورية”، بالتعاون مع المصرف المركزي وشركة “فاتورة” للدفع الإلكتروني.
وبيّن المركزي أن الدفع الإلكتروني لا يرتبط بمسألة سقف السحب اليومي من المصارف، إذ إن التحويل بين حساب مصرفي وآخر ليس له سقف، كما أن المدفوعات عن طريق البطاقة معفاة من تحديد السقف، مشيراً إلى أنه تم التعميم على المصارف العاملة بأن كل الحسابات المرتبطة بعملية الدفع الإلكتروني معفاة من قرار سقف السحب اليومي، وأهمها قرار تنفيذ حركات الدفع من خلال نقاط البيع الذي صار متاحاً من المصرف التجاري السوري .
وعن التوسع بخدمات الدفع الإلكتروني أكد مدير المصرف التجاري السوري الدكتور علي يوسف إنهاء عمليات الربط الشبكي بين المصرف التجاري السوري وشركة فاتورة للدفع الإلكتروني، ما يسمح لحاملي بطاقات المصرف التجاري بتنفيذ حركات الدفع من خلال نقاط البيع العائدة للمصارف المرتبطة مع الشركة (الشام، سورية والخليج)، وكذلك مع بنك سورية الدولي الإسلامي، حيث يعد المصرف التجاري السوري من أكبر المصارف الحكومية ويبلغ عدد حاملي البطاقات لديه / 650 /ألف بطاقة.
هل يستفيد رواد الأعمال؟
عن أهمية التوسع بنقاط البيع للدفع الإلكتروني بين الخبير المصرفي أنس نغنغ أن الخطوة مهمة وإيجابية باتجاه تعامل رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع عملائهم عبر الدفع الإلكتروني بشكل تلقائي حيث يدفعون للموردين وإدارات الضرائب والجهات الأخرى إلكترونياً.
ولفت نغنغ إلى أن أكثر من ثلث أصحاب المشروعات الصغيرة ورواد الأعمال حالياً يعملون لحسابهم الخاص، ولذلك فإن انتشار استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني مازال محدوداً وهي أداة تجارية يمكن أن توفر منافع كبيرة لرواد الأعمال والمجتمع على السواء من خلال دمج المزيد من الأفراد في النظام المالي الرسمي. ومع النمو السريع في امتلاك الهواتف المحمولة لتيسير عمليات الدفع الرقمي يدر التحول من الدفع النقدي إلى الدفع الرقمي مكاسب كبيرة على رواد الأعمال.
رفع الكفاءة
ويضيف نغنغ: تتعدد مزايا الدفع الرقمي، سواء بالنسبة لأحد صغار رواد الأعمال المتناهية الصغر أم لمدير مصنع كبير الحجم، فعندما يستطيع أحد رواد أعمال المشروعات الصغيرة أو المتناهية الصغر أن يتتبع بسهولة مبيعاته اليومية من خلال الدفع الرقمي، فإن هذا الشخص يمكنه أن يدير مخزوناته وهوامش ربحه بشكل أفضل، ويمكن للمشاركة في التجارة الإلكترونية من خلال الدفع الرقمي أيضاً أن توسع قاعدة المتعاملين مع رواد الأعمال وأن تزيد من التعريف بهم، ما يفسح المجال أمام نمو أنشطتهم ليتجاوز مجرد تغطية التكلفة.
أما بالنسبة لكبار رواد الأعمال، فإن التطبيقات الرقمية، كالحفظ الإلكتروني للملفات والدفع الإلكتروني لرسوم التراخيص، يمكن أن تخفض التكلفة الباهظة للامتثال الضريبي، كما يمكن لهذا أن يشجع على إضفاء الصبغة الرسمية على مؤسسات الأعمال وعلى توسيع القاعدة الضريبية. وعلاوة على ذلك، فإيداع الأجور إلكترونياً في حسابات الموظفين أصبح بوسع رواد الأعمال الاطمئنان إلى دقة وأمان رواتب عمالهم، ما يفيد الموظفين وأرباب العمل على السواء.
تمكين رائدات الأعمال
ويبين نغنغ يمكن لرائدات الأعمال بشكل خاص الاستفادة من الدفع الإلكتروني، فعلى سبيل المثال كثيراً ما تحول الأعراف الاجتماعية والمسؤوليات الأسرية دون سفر المرأة إلى الموردين الموجودين على مسافات بعيدة أو الانتقال إلى فروع البنوك. ويحسن الدفع الرقمي سبل دخول المرأة إلى السوق فلا تحتاج، على سبيل المثال، إلى السفر بعيداً لإيداع الأموال، ما يحد من هذه العقبات التي تعوق الحركة. وبالمثل يمكن للأعراف الاجتماعية أيضاً أن تغل يد رائدات الأعمال في الاحتفاظ بأموالهن، لكن الدفع الإلكتروني يضمن خصوصية وأمان أموال المرأة، ما يحد من إمكانية مطالبة أفراد الأسرة أو غيرهم بجزء من مالها، وتظهر الدراسات أن الأسرة كلها تستفيد عندما يوضع الدخل بين يدي المرأة بدلاً من الرجل، إذ تستثمر المرأة أكثر في تغذية وصحة أطفالها.
فوائد مجتمعية
يرى الخبير المصرفي أنس نغنغ أن المجتمع بشكل عام يستفيد على المديين القصير والبعيد من مزايا الدفع الإلكتروني ومن ذلك الإعلان عن تمكين المتعاملين من دفع فواتير مياه دمشق وريفها وفواتير المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء لحملة بطاقات الدفع الإلكتروني الصادرة عن المصرف عبر بوابة الدفع الإلكتروني الخاصة بالمصرف من خلال تطبيق الموبايل والموقع الإلكتروني للمصرف، إضافة إلى فواتير الشركة السورية للاتصالات وفواتير سيرتيل وmtn ، وذلك باستخدام حساب بطاقة الدفع الإلكتروني، التي من شأنها تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء التي يتكبدونها عند تسديد التزاماتهم لدى مراكز الجباية في الجهات العامة.
وأضاف نغنغ: تُمكن الخدمات الإلكترونية المتعاملين إضافة إلى خدمة دفع الفواتير من الحصول على كشف حساب ومعرفة الرصيد والتحويل بين حساب بطاقتين والحصول على كشف حساب مختصر وخدمة الصراف الأقرب إليك لمعرفة عناوين الصرافات الأقرب، إضافة إلى وظائف وخدمات أخرى يتم تقديمها لاحقاَ .
ولا يفيد الدفع الإلكتروني الأفراد فقط، بل المجتمع برمته، من خلال إدراج المزيد من الأفراد في النظام المالي الرسمي بامتلاك حسابات بنكية. وتمنح أنظمة الدفع التجارية الإلكتروني أصحاب منشآت الأعمال حافزاً قوياً لإجراء معاملات مالية رسمية، ومن ثم تزيد من الشفافية المالية وتحد من الفساد الذي يتجلى في شكل رئيسي بأنشطة أخرى غير مشروعة.
فضلاً عن ذلك يلفت نغنغ إلى أن عمليات الدفع الإلكتروني للأجور تتيح الفرص أيضاً لدمج العمال في نظام الإيداعات التلقائية والرسائل النصية المنتظمة للتذكير بالادخار، والخيارات الإيجابية التلقائية التي تساعدهم أيضاً على الادخار، وتظهر الدراسات أن لهذه “المحفزات” تأثيراً إيجابياً على السلوكيات المالية وغير المالية.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الدفع الرقمي إلى تيسير الحصول على الائتمان، فنصف الشركات في العالم تحتاج إلى الاقتراض، إلا أن نسبة لا تتعدى 35% منها هي التي تحصل على قروض أو على تسهيلات ائتمانية مصرفية وكثيراً ما يعجز صغار رواد الأعمال الذين دخلوهم منخفضة، بشكل خاص، عن الحصول على الائتمان بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتشدد في الضمانات المطلوبة. ولذلك يمكن أن يساعد الدفع الإلكتروني رواد الأعمال في التغلب على هذه العقبات بتكوين تاريخ ائتماني يؤهلهم للاقتراض لكي يبدؤوا النشاط أو ينموه، وخاصة لدى الشرائح منخفضة الدخل. ومن شأن تطبيق هذه الممارسات أن ييسر الحصول على الائتمان على نطاق واسع، ولاسيما للفئات الضعيفة كالنساء والفقراء.