جاموس: غياب الشركات العقارية مكّن المكاتب العقارية من استباحة هذا القطاع

رغم الحاجة الماسة لحل مشكلة السكن بعد الدمار الذي سببته الحرب، والتهجير والارتفاع غير المسبوق في الأسعار والتي جعلت الحصول على منزل حلماً مستحيلاً لأغلبية الناس .. ظل القطاع العقاري بأيدي مكاتب الوساطة العقارية غير الخبيرة وغير المختصة أيضاً، والتي تعمل من دون ضوابط وقيود. 

الباحث العقاري الدكتور مجدي الجاموس وصف المناخ الاستثماري العقاري بأسوأ حالاته في الوقت الحالي، وقال لـ(تشرين) : إنه يمكن وصف حال القطاع العقاري بعدم التنظيم و(الهمجية) وأن الجهة المحترفة بالعمل في هذا القطاع اختصرت بالمكتب العقاري، وأغلبهم أشخاص غير محترفين بالعمل ويمكن لأي شخص أن يرخص وأن يكون لديه مكتب وساطة عقارية، لأن شروط الترخيص بسيطة جداً كأن يكون حاصلاً على الثانوية ولديه مكتب.. لكن لا يلزمهم بالمعرفة في القوانين العقارية، و في نسب أرباحهم المخصصة بالقانون.

غياب الشركات العقارية

وبين الجاموس أن من أعطى الدور لهذه المكاتب في هذا القطاع هو غياب الشركات العقارية، فعلى مستوى دول الخليج مثلاً هنالك شركات في قطاع العقارات مثل مطورين عقاريين وشركات عقارية ووساطة عقارية ومقاولين، وكلها بحالة تنافس بين بعضها، وكل منها يتمم عمله الآخر، ودور المكتب العقاري واسطة في عملية البيع والشراء ولكن ضمن معرفة عامة بالأسعار، لأنه ليس الوحيد في السوق.

لكن المشكلة في سورية أن المكاتب العقارية هي الوحيدة المتخصصة في السوق العقارية وكلمتهم مسموعة، لأنهم المثمّن العقاري والوسيط المسوق بالوقت نفسه، وهذا يعطيهم فرصة (لهمجية) التصرف وتحديد الأسعار والتحكم فيها.

وأضاف الجاموس أنه لا يحمّل هذه المكاتب كل الوزر، وإنما يتحمل عدم اطلاع الناس على عالم سوق العقارات بعض المسؤولية خاصة مع التغيرات بسعر الصرف وهذا يتسبب بعدم استقرار السوق عموماً والسوق العقاري خصوصاً، وهذا أيضاً أعطى أصحاب المكاتب العقارية هامشاً لتقييم العقارات كما يريدون..

هذه التسعيرة

أضاف الجاموس أنه لا بد من رفع الثقافة العقارية، ومعرفة الناس بتكلفة المتر المربع التي تتراوح ما بين 550 إلى 600 ألف ليرة (على العضم )يضاف إليها العرف والعادة ( الإكساء) 50% فيصبح السعر 900 ألف وأرباح الشركات العقارية التي تصل إلى 20-30% ويصبح سعر المتر المكسي المفترض بالسوق حسب آلية التسعير المعتمدة في أغلب الدول مليون و200 ألف ليرة وهذا يشمل التكلفة مع هامش الربح.

أي إن تكلفة المتر المربع تصل إلى المليون و200 ألف ليرة تبعاً للمنطقة.

وهذا هو الهامش المفترض أن تقيم عليه العقارات، بينما ما تفعله المكاتب العقارية هو أنها تبخس السعر عند الشراء من البائع، وتقيم تقييماً كبيراً للسعر في حالة البيع لهم، والقصة أن آلية التسعير تعطيهم الفرصة للتقييم العقاري فهم يقيِّمون ويثمِّنون.

وقال الجاموس إن العمولة المستحقة لمكتب الوساطة العقارية حسب القانون (2139) الصادر عام 2010 من وزارة التجارة الداخلية هي فقط نصف بالمئة من القيمة العقارية وعلى جهة واحدة هي البائع فقط.

أما القيمة الإيجارية وأتعاب مكتب الوساطة العقارية فهي 1% من القيمة الإيجارية على المؤجر فقط.

وقال الجاموس : إنه ساهم في تأهيل معظم العقاريين في دبي، وإن القانون يفرض على كل من يريد تجديد الرخصة هناك أن يخضع لدورة تأهيل عقاري تشمل مواضيع متعلقة بأخلاقيات المهنة والقوانين المتعلقة بالموضوع, ومعرفة الحقوق والواجبات ودوره تجاه الحكومة وكل ما يتعلق بالقوانين الموجودة أو التي يمكن أن تصدر سنوياً، وإنه عندما عاد إلى سورية في 2012 تواصلت معه هيئة التطوير العقاري واتفقوا على وضع قانون عقاري للبلد لكن الأحداث والأزمة أوقفت المشروع.

وأشار الجاموس إلى أن السوق العقاري قطاع مهم جداً وأكبر رافد للاقتصاد الوطني في دول العالم، وتصل إيراداته إلى 30% من الناتج المحلي ببعض البلدان كدبي وكندا وبريطانيا.

تبخيس لحقه

أما أن يكون القانون في بلدنا قانوناً مرفقاً لوزارة التجارة الداخلية فهذا تبخيس بأهمية هذا القطاع، ويجب أن تكون هناك هيئة أو وزارة مستقلة متعلقة بالقطاع العقاري وقادرة على وضع تنظيم عمل المهنة كما في الدول الأخرى كمصر وتونس حيث القانون العقاري واضح. وقد آن الأوان لتشكيل هيئة مستقلة أو وزارة قادرة على تنظيم القطاع العقاري بإيراداته العالية جداً.

وعن دور الجمعيات السكنية و البيع على المخطط قال الجاموس : إن ما يعطي هامشاً للسلوك غير الأخلاقي الذي تمارسه المكاتب العقارية هو فترة الإنجاز الطويلة التي تفوق 5 إلى 10 سنوات من الاكتتاب على الشقة حتى تاريخ الاستلام وهذا مضرّ ويسمح بممارسة الألاعيب في عمليات البيع والشراء التي تحصل، والحل هو في إلزام أي جمعية أو شركة تطوير عقاري تعلن عن إقامة مشروع على المخطط بتحديد وقت الإنجاز والتسليم ..

ففي الأزمة المالية العالمية في 2008 أكدنا على سرعة إنجاز المشاريع في دبي، وهذا يضبط تكاليف العقارات، أما مع تغير أسعار الصرف وطول المدة فنعطي فرصة للمسوق العقاري أو المكاتب العقارية لعملية التقييم الذاتي وهذا سيىء جداً على سوق العمل.

واقترح الجاموس إعادة تنظيم القطاع العقاري، وإيجاد أكثر من حلقة تقوم على هذا القطاع مثل شركات التطوير العقاري، والمقاولين العقاريين وشركات التسويق ومكاتب العقارات، وكل يقوم بدوره فقط.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار