مراسيم العفو وانعكاساتها على الفرد والمجتمع
تعد مراسيم العفو الرئاسي الصادرة خلال فترة الحرب على السورية ذات أثر اجتماعي واضح، في بقاء وتعزيز خطوات المصالحة الوطنية، وإعادة البناء الاجتماعي على أساس ديمقراطي يتيح للجميع المشاركة في إعادة بناء المجتمع.
وفي هذا السياق بينت المحامية جولييت ضائع أن مراسيم العفو التي تصدرها الدولة بين الحين والآخر تشكل حيزاً من تجديد الثقة مع المخطئين الذين ضلوا جادة الصواب حيث استطاعت إعادة قسم كبير منهم إلى حضن الوطن ؛ فكان التفاوض الذي اعتمدته الدولة إيماناً منها بأن العمل العسكري والحرب ليست السبيل الأمثل والوحيد لحل المشكلات؛ فالتفاوض يشكل أفضل مخرج يحقق الاستقرار والتسوية الملائمة والوصول إلى التسامح والعفو بإعطائهم فرصة للاعتراف بالخطأ والرجوع عنه؛ وعلى المستوى اللاواعي لاستثارة مكامن الخير من هؤلاء المخطئين بحق وطنهم، وبناء التسامح كأداة لتنظيم السلوك الإنساني وتعميمه في المجتمع، ونقل التسامح والعفو إلى حيز التطبيق ليكون الهدف الأسمى إنقاذ الوطن عامة؛ وأما من وجهة نظر القانون، فالعقوبة ما هي إلا أداة لإصلاح الجاني وتقويم سلوكه، ومن هنا أتت مراسيم العفو منحة من سيد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد، ومن السلطة التشريعية لتفتح المجال أمام كل من غُرر به، وأخطأ بحق الوطن وضلّ الطريق أن يعود إلى جادة الصواب ؛ كما أن العفو يسقط العقوبة ولا يسقط الادعاء الشخصي.
وتؤكد المحامية ضائع أن هذه المراسيم أظهرت الموقف العقلاني والمتسامح من قبل السيد الرئيس والحكومة السورية عن طريق الإقرار منذ بداية الحرب على سورية بضرورة الإصلاح والحاجة الماسة إليه، والعمل ضمن الأطر كلها لضمان السير في هذا الاتجاه.
وعن الأثر الاجتماعي الذي تتركه مراسيم العفو في نفوس الأشخاص الذين ضلوا الطريق وعادوا إلى حضن الوطن بينت د. سمر علي- كلية التربية قسم علم الاجتماع جامعة دمشق، أهمية هذه المراسيم لأنها تتيح مشاركة جميع الأفراد الذين تورطوا في أعمال غير قانونية المشاركة في إعادة انتمائهم للوطن، فقد غرر في العديد منهم تحت ظروف اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية ما، ومنهم من خُدِعوا تحت مسميات أو شعارات غامضة ومضللة؛ كما أن إعطاء الفرصة لمرتكبي المخالفات والجرائم لإعادة التفكير وتصحيح الخطأ، والمشاركة في بناء المجتمع والمواطنة الفعالة والقيام بدور إيجابي يسهم في تصحيح مسار حياتهم وفي تعزيز الثقة بالمجتمع والدولة والديمقراطية؛ فإذا كان الإنسان الاجتماعي والمواطن الصالح هو الخلية الأولى في بناء أي مجتمع ؛ فالمجتمع أيضاً يحتاج إلى جهود جميع أفراده بمختلف أعمارهم وأطيافهم ومستوياتهم التعليمية والاجتماعية والسياسية أياً كانت أوضاعهم وظروفهم.
ومن هنا كان الحرص على عملية الإصلاح كخطوة باتجاه المصالحة والعفو، وإطلاق مسيرة البناء والتعافي في ظروف قاسية فرضت على الأفراد والمجتمع السوري مجموعة من القضايا والأزمات الاجتماعية والإنسانية .
عموماً: كانت مراسيم وقرارات العفو خلال فترات الأزمات في مختلف الفترات التاريخية، وفي العديد من البلدان خطوة مهمة وناجحة في رسم ملامح مجتمع ديمقراطي متسامح، عندما يكون التسامح وسيلة لبناء ما تهدم من حياة الأفراد والمجتمع.