المستهلك.. من ينصفه؟
تعد ضمن الممارسات المجحفة بحق المستهلك، فرض شروط أو قيود مرهقة أو غير مبررة عند رغبة المستهلك في ممارسة حقوقه النظامية، مثل عبارات “البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل” ومن الإجحاف أيضاً تحميل المستهلك كل الرسوم والضرائب والزيادات الناجمة عن رفع أسعار الاستثمار في المنشآت والمحلات التجارية وتكاليف الشحن ورسوم التراخيص وارتفاع الأسعار العالمية وغير ذلك من الزيادات المزاجية بحيث أصبح المستهلك الحلقة الهشة الأضعف معيشياً واقتصادياً.
كل يوم تطالعنا قرارات جديدة تتمثل بإعادة النظر بالبدلات والرسوم والتراخيص التي تتقاضاها المالية أو المحافظة أو الوزارات المختلفة بارتفاعات متتالية بالرسوم المالية ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما صدر مؤخراً عن وزارة الصناعة حول رفع الرسوم المتعلقة بمنح شهادة التسجيل الصناعي أو الحرفي وتصديقها أو تعديلها أو منح بدل تالف أو ضائع بزيادات جديدة على الرسوم حسب اللوائح المالية الجديدة على حدّ وصف الهيئات المالية حيث بلغت رسوم الترخيص ثلاثمئة ألف ليرة سورية إضافة إلى رسم منح شهادة التسجيل والبالغة مئة ألف ليرة سورية.. ثم تطالعنا شركة المحروقات بزيادة المدة المحددة لوصول رسائل البنزين إلى عشرة أيام لاستلام المخصص من البنزين (25) ليتراً.. للسيارات الخصوصية وستة أيام للسيارات العامة والسؤال الذي يفرض نفسه أنه مقابل هذه الزيادات من رسوم وضرائب وتكاليف محروقات وشبه فقدان لمادة الغاز وبالتالي فإن ما يجري على أرض الوقع لا نعلم إن كان يؤخذ بالحسبان على الورق حيث إن هذه التكاليف الإضافية تدفع بشكل نهائي من جيوب المستهلكين لأن أصحاب المهن الحرفية أو الصناعية أو أصحاب المشاريع يضيفون كل الزيادات بشكل مضاعف على أسعار منتجاتهم وخدماتهم المقدمة للمستهلك.
من جهة أخرى يجد المتأمل في نظام حماية المستهلك تفاوتاً وتبايناً في مدى فاعلية بعض الضبوط والمخالفات على الواقع في ظل واقع رقابي لا يملك المقومات الكافية، ولعلّ أقصى ما تقوم به هو تلقي شكاوي المستهلك، المتعلقة بالاحتيال والغش والتدليس والتلاعب في السلع أو الخدمات والمغالاة في أسعارهما، والتضليل عن طريق الإعلانات خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي.
في حين يعاني المستهلك من ارتفاع فاحش بالأسعار ومن الاحتكار والاستغلال من الأسواق، إضافة إلى كثير من الممارسات التجارية المجحفة، أضف إلى ذلك الإعلان عن منتجات أو خدمات غير متوافرة، ولا يمكن توفيرها، والادعاء أن منتجاً أو خدمة ما ستتوافر لمدة محدودة، أو بشروط معينة، أو بكمية محدودة، من دون وجود كمية من المخزون تكفي لتلبية الطلب المتوقع من جراء ذلك، وتقليص دورة حياة المنتج أو التأثير سلباً في كفاءته بعد مضي مدة معينة بغرض زيادة استهلاكه من دون مبرر.
لقد نص قانون حماية المستهلك على معـايير للممارسـات تجاريـة سـليمة، ومن ذلك المعاملة العادلة والمنصـفة مع المستهلكين في جميع المراحل، وأن تكون جزءاً لا يتجزأ مـن ثقافة الأعمال التجارية، ومن المعاملة المنصفة تجنب الممارسات، التي تضر بالمستهلكين وحماية المستهلك من الممارسات غير القانونية أو المخلة بالأخلاق أو المنطويـة علـى تمييـز أو خـداع، مثـل أساليب التسـويق المسيئة، وكل ما يلحق ضـرراً بالمسـتهلك، كما أكدت المعايير حق حصول المسـتهلكين على معلومات كاملـة ودقيقـة وغـير مضـللة عـن السلعة أو الخـدمة وأحكامهـا وشـروطها، لكن كل ما هو على الورق نجده لا يمت بصلة إلى الواقع ولاسيما في الأسواق وأمام تدهور وتضاؤل القدرة الشرائية أمام ارتفاع الأسعار يبرز السؤال: أين نحن من ثقة المستهلك بصوابية الإجراءات والقرارات، وهل من خطة إسعافية لكبح جماح التضخم..؟! وهل ثمة استجابة للتوقعات بتحسين الدخول والمنح والإعانات لتقديمها لشريحة الدخل الذي أصبح هشاً إضافة إلى كونه كان محدوداً.