كفاكم استخفافاً بنا
موضوع التصريحات الرسمية، قضية يجب أن تكون واضحة ومدروسة، ولا تخضع لهذا الفهم أو ذاك. فعندما تقول وزارة ما إنها اعتمدت قراراً فهذا يعني أنها قد احتاطت ودرست وخلصت إلى قرارها وهي مستعدة للتنفيذ.
وكي لا يبدو الحديث عمومياً فقد أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه بدءاً من اليوم سوف يتم توطين الخبز في دمشق وريفها.
وعند محاولة أصحاب البطاقات في ريف دمشق الدخول على موقع “وين” لاختيار معتمد خبز في الريف فوجئوا بأن ريف دمشق غير مدرجة بعد على القائمة أصلاً، هذا فضلاً عن كون القاطنين في دمشق لم ينتهوا بعد من اختيار المعتمد المناسب وثمة آلاف الشكاوى في هذا الخصوص.. فكيف يصدر مثل هذا القرار ومن يتحمل المسؤولية؟ كي لا نذهب بعيداً ونقدم كشف حساب بتصريحات أخرى تثير من البلبلة والاستهجان ما يجعل التصريحات مثار تندر كي لا نقول كلمة أخرى أقسى بحق من يطلقها.
لقد شرحت الوزارة أي “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” بأنّ المواطن الذي صدرت بطاقته في ريف دمشق، إذا أراد شراء خبزه من المخبز مباشرةً، فيشتريه من مخابز الريف، ومن كانت بطاقته صادرةً عن المدينة فيشتري من مخابز المدينة.
والسؤال هل فكّر أحد المعنيين في محاولة التسجيل لدى أي من الأفران؟ بمعنى هل يعقل لمن يقطن في الزاهرة أن يشتري خبزاً بشكل يومي من أفران صحنايا أو ابن العميد! إذا كانت طاقة الاستيعاب لهذا الفرن قد بلغت حدها؟
إن كل ما قامت وتقوم به الوزارة لا يعدو أن يكون ترحيلاً للمشكلة والقذف بها في وجه المواطنين وليس بهذه الطريقة يمكن الحد من الإتجار بالخبز في الشوارع وبيعه بأسعار مرتفعة.
من يبيع الخبز معروف وله أعوان ومسهلون من داخل الأفران نفسها، وبالتالي من غير العدل أن يتحمل المواطن وزر هذا كله، وكل العذاب والمنية لتأمين لقمة خبزه، فإذا كانت الوزارة لا تستطيع أن تقوم بعملها في تأمين المواد الأساسية وهذا جل عملها فعليها أن تعترف بأن المشكلة عندها والحكومة تمدها بكل وسائل الدعم وتخصص كل شهر تقريباً منحاً مالية لكي تسهل عملها ولكنها عاجزة ومقصرة بصرف النظر عن الظروف المحيطة والمعوقة التي يعرفها القاصي والداني وكفى تعليقاً عليها في جلد المواطن المسكين تارة بالتوطين وتارة أخرى بتخفيض الكمية وتارة بأخطاء كارثية في موضوع الاستبعاد من بطاقة الدعم.
ما يحصل بات لا يحتمل وهذا ما يجب أن يكون واضحاً للوزارة.. كفاكم تجريباً بلقمة خبزنا التي باتت مغمسة بطعم المرارة .