هل نتعلم من التجارب القاسية وتجعلنا أكثر صلابة؟
يمر الإنسان بعدة تجارب قاسية تستهلك الكثير من مشاعره ووقته وحياته؛ يشعر حينها بأن عليه أن يفكر قليلاً بكل ما مر به لعله يصل إلى قرارات تحميه من أخطائه السابقة.
فهل يتعلم من تجاربه القاسية، وهل يتعامل معها على أنها دروس يتعلم منها في المستقبل؟
اختصاصية الصحة النفسية د.غنى نجاتي، تعتبر من وجهة نظرها التجارب القاسية التي يتعرض لها الأشخاص ما هي إلا مطبات لا بد منها في طرق الحياة، وهذه التجارب تحمل جوانب معرفية وانفعالية تضاف على خزينته السيكولوجية، فكلنا سمعنا عن المقولة الشهيرة التي تقول أن الضربة التي لا تقتلك تقويك، فعلى الرغم من مرارة الألم الوجداني العميق الذي تتركه هذه المواقف القاسية فينا إلا أنها تسهم في تحقيق التطور النمائي لشخصية الإنسان، فيصبح أكثر صلابة وقوة ما ينعكس على تغيرات سلوكية في روايته بشكل ملاحظ، ربما يظن البعض أنه أصبح أقل تفاعلاً، وأكثر قسوة بعد نجاته من تجارب مؤلمة، ولكن ذلك يفسر سيكولوجيا باكتسابه مناعة نفسية ستحصنه من الإصابة باضطرابات نفسية لتجارب مماثلة لتلك التي مضت، فالتغير قادم لا محال بمجرد دخول الإنسان بتجربة صادمة، ويشمل التغير أحياناً تحولاً لبعض مبادئ الفرد الراسخة وتغيراً جذرياً لمفاهيم حياتية كانت تعتبر له من المسلمات؛ فمثلاً قد يصبح لديه قناعة أن المال وسيلة وليس غاية، أو أن الصداقات الزائفة لاتدوم أو أن السعادة الحقيقة هي بالعطاء وليس بالأخذ.
وقد تكون التجارب القاسية وفاة شخص عزيز حنون أو خسارة اقتصادية كبيرة، كفقدان المسكن أو العمل، وربما تكون التجربة القاسية صدمة عاطفية عميقة، وتختلف التداعيات النفسية لهذه التجارب القاسية على الأفراد باختلاف أنماط شخصياتهم، واختلاف أوساطهم الاجتماعية وأنساقهم الأسرية واختلاف أعمارهم البيولوجية ومدى تخزينهم بتجارب سابقة أم لا.