د. قدور: السابع عشر من نيسان حكاية البطولة والعزة والكرامة
بيّنت د.صفاء قدور دكتورة في العلاقات الدولية، وعضو هيئة تدريسية في جامعة الشام الخاصة أن يوم السابع عشر من نيسان عام 1946م. هو البداية في دروب النضال، كما أنه حكاية البطولة التي يستمد منها السوريون معاني العزة والكرامة والشهامة والرجولة إلى الأبد، هذا اليوم الذي تمكن من خلاله آباؤنا وأجدادنا الأبطال من طرد آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية. وتأتي الذكرى السادسة والسبعون لعيد الجلاء في هذا العام. والشعب السوري يمر بمرحلة صعبة وقاسية جداً، بسبب العقوبات والحصار الاقتصادي الخانق الذي طال لقمة عيش السوريين وأوصل معظمهم إلى حالة الفقر المدقع حسب عدد من التقارير الأممية، وذلك بغية تركيعهم وإجبارهم للاستجابة إلى الإملاءات الغربية، ولكن هذا الشعب الأبي الذي يستلهم من أجداده اليوم معاني ودلالات عيد الجلاء، يؤكد استمراره في الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة أرضه، كما يجدد العهد على تقديم التضحيات لصون الاستقلال ودحر الإرهاب وداعميه وإفشال كافة المخططات الصهيو- غربية المتوحشة التي استخدمت كافة الأدوات والوسائل للنيل من عزيمة الشعب السوري. هذا الشعب الذي أثبت للعالم أنه كما آبائه وأجداده عزيمته لا تلين وإصراره على طرد المجاميع الإرهابية، وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع وطنه يشكل ركيزة أساسية لصموده مهما غلت التضحيات وكثرت الضغوطات والعقوبات.
فتاريخ سورية مليء بالملاحم البطولية التي خطها السوريون بدماء الشهداء، وهي تشكل عنصراً أساسياً في بنية هذا الشعب النفسية والوجدانية، فقد رسخ الاستقلال المنجز بالمقاومة الوطنية في السابع عشر من نيسان عام 1946 قاعدة متينة وصلبة لدعم النضال الوطني ليس على صعيد سورية فحسب، بل على امتداد الوطن العربي للتحرر من سيطرة الاستعمار الغاشم، ومنطلقاً للكفاح من أجل التحرر من كافة أشكال التبعية والظلم والاستغلال.
وإحياء ذكرى الجلاء في هذه الظروف الاستثنائية تأخذ أهميتها من خلال تأكيد شعبنا على مواصلة النضال واستعداده الدائم لتقديم المزيد من التضحيات، للتصدي للهجمة الصهيو- غربية التي تستهدف دور سورية الوطني والقومي. فيوم الجلاء له رمزية كبيرة عند السوريين فهو يذكرهم بأولئك الأبطال الذين قدموا أرواحهم رخيصة فداء للوطن، ودفاعاً عن مقدساته وعزته، واليوم يتابع الجيش العربي السوري السير على خطى هؤلاء الأبطال ويحقق الإنجازات والانتصارات المتتالية على التنظيمات الإرهابية وداعميها، لتحرير كامل تراب سورية من دنس هؤلاء المرتزقة المجرمون، فصمود الجيش العربي السوري أذهل العالم، وسورية لن تركع مهما واجهت من ضغوطات، وعقوبات ظالمة ومجحفة. وفي ذكرى الجلاء يتجلى الدور الوطني المميز لقواتنا المسلحة الباسلة بقيادة قائدها العام السيد الرئيس بشار الأسد، والتي بفضل تضحياتها ستظل سورية منبع التاريخ وصخرة المجد والقلعة الحصينة التي تتحطم عليها كافة المؤامرات والمخططات كما أرادها القائد المؤسس حافظ الأسد عندما قال : (( ستبقى سورية الصخرة المنيعة التي تتحطم عليها كافة المؤامرات )). فجيشنا الباسل يخوض اليوم معركة الشرف والكرامة ليقول للعالم بأن الأرض التي أنجبت أبطال الاستقلال مستمرة بإنجاب الأبطال المؤمنين بأرضهم وهويتهم القادرين على حماية بلدهم وصونها. وهم أكثر إصراراً على التمسك بمبادئها وسيادتها التي كرستها تضحياتهم. وإن إرادة الصمود والإصرار على استكمال النصر عند السوريين وجيشهم الوطني تكبر وإرادة الحياة تتحول إلى قوة وعزة وثبات لا يمكن أن يتزعزع مهما بلغت المؤامرات واشتدت العقوبات الظالمة و البربرية.
فتحية لصانعي ذلك اليوم الأغر والمجد لرجال قواتنا المسلحة، حماة الديار البواسل والأبناء البررة الذين بفضلهم يزداد الوطن منعة وقوة وشموخاً وصلابة، والإجلال والإكبار لشهدائنا الأبرار الذين بتضحياتهم وبطولاتهم وبسالتهم يصنعون مجد سورية وحاضرها ومستقبلها، وكل الاحترام والتقدير للشعب السوري الصابر الصامد في وجه أعنف حرب عرفها تاريخ البشرية، والذي لقن العالم بأكمله معنى التجذر والتمسك بتراب الوطن.