مرحلة جديدة في العلاقات السورية – الإماراتية
دخلت العلاقات السورية- الإماراتية مرحلة جديدة، بزيارة السيد الرئيس بشار اﻷسد إلى دولة الإمارات، ولقائه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي أعرب عن أمنياته لسورية وشعبها أن يعم الأمن والسلام كافة أرجائها، مؤكداً أن سورية ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي، وأن الإمارات حريصة على تعزيز التعاون معها بما يحقق تطلعات شعبها نحو الاستقرار والتنمية.
وتناول اللقاء مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون الثنائي ولاسيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري، بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين.
لا شك أن زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات تكتسب أهمية كبيرة لما تحمله من دلالات، وخاصة أن الإمارات إحدى أهم الدول العربية والإقليمية والعالمية الفاعلة. الأمر الذي رأى فيه محللون مؤشرات مهمة لعودة سورية إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية، بعد أن علّق وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عام ٢٠١١ عضوية سورية في الجامعة العربية.
ويربط مراقبون زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات بمؤشرين اثنين، أولهما التصريح الذي أدلى به الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي في موسكو في تشرين الثاني الماضي، والذي أكد خلاله أن التعاون الإقليمي ضروري لبدء مسار عودة سورية إلى محيطها، لكنه يتطلب جهداً من الجانب السوري ومن أعضاء الجامعة العربية.
أما المؤشر الثاني فيعود إلى زيارة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى دمشق العام الماضي، في زيارة هي الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ أكثر من عشرة أعوام.
في مراجعة لسياسة الإمارات ومواقفها خلال السنوات الماضية، كانت تنتهج سياسة مُحكمة، وتطرح مقاربات موضوعية من وحي انتمائها وقيمها وحضورها في المحافل العربية والإقليمية والدولية، إذ كانت تعلن جهاراً أن سورية لا يجب تركها وحيدة تواجه التحديات في الداخل والخارج.
وانطلاقاً من هذا الخطاب المتوازن، تقدمت الإمارات على سواها في تبني مقاربة الأخذ بيد سورية ومساعدتها سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً، وقد تحلّت السياسة الإماراتية تجاه سورية بميزات استثنائية، من أبرزها أنها كانت الرائدة في اقتحام الطوق المفروض على سورية تدريجياً بكثير من التعقل واحترام مصالح الآخرين.
الدليل على ما سبق هو قيام دولة الإمارات بكسر الجمود في العلاقات مع سورية والذي استمر لعشر سنوات، وذلك عام ٢٠١٨ عندما أعلنت إعادة فتح سفارتها في دمشق، والتي كانت أغلقت عام ٢٠١١.
الخطوة الإماراتية التي رحبت بها سورية، لتتبعها خطوات دبلوماسية من طرف دمشق، إذ أجرى الرئيس الأسد اتصالاً هاتفياً بولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في تشرين الأول عام ٢٠٢١، ناقشا خلاله التطورات في سورية والشرق الأوسط.
وفي تشرين الثاني عام ٢٠٢١، استقبل الرئيس الأسد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في دمشق، الزيارة التي جاءت تتويجاُ لرحلة من التنسيق والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والتطورات التي تشهدها المنطقة.
صلابة الموقف السوري بالتصدي للحرب الإرهابية ورعاتها، والعقوبات الجائرة، وعدم المساومة على مواقفها الراسخة، إلى جانب النهج المتوازن للإمارات، حرّضا الكثير من العواصم العربية على إعادة حساباتها وتجديد قراءاتها في ضوء التحولات المستمرة وما تفرضه من تغير في طبيعة المصالح.
التواصل الإماراتي – السوري على أعلى المستويات وفي جميع المسارات يندرج في سياق تأكيد دور الإمارات في الوقوف إلى جانب سورية على المستوى الثنائي وعلى مستوى الدعم، ففي عام ٢٠٢٠ وقفت الإمارات إلى جانب سورية، التي تعاني من الحصار والعقوبات الجائرين، وقدمت الدعم لها لمواجهة وباء كورونا من خلال تقديم الإمدادات الطبية اللازمة.
ناهيك عن أن الإمارات تعد أحد أهم الشركاء التجاريين لسورية، فهي تأتي بالمرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً بالنسبة لحجم التجارة مع سورية، إذ تستحوذ على ما يتجاوز ١٤ % من حجم تجارة سورية الخارجية.
وبالتوازي، تشير بيانات وزارة الاقتصاد الإماراتية إلى أن مليار درهم هو حجم التبادل التجاري، غير النفطي، بين الإمارات وسورية خلال النصف الأول من عام ٢٠٢١، فيما بلغ حجم التبادل التجاري، غير النفطي، بين الدولتين نحو ٢،٦ مليار درهم خلال عام ٢٠٢٠.