“اليوم المُزدوج”
“غوغل” أيضاً، سيحتاج دقيقة، قبل أن يُدرك المقصود بـ “اليوم المُزدوج”، برغم كثرة الدراسات والأبحاث عن النساء، لذلك سنفهم كيف يغيب هذا المصطلح بمعناه المعروف، عن معايدات الأمهات، وقبلها بقليل مُباركات وتهاني اليوم العالمي للمرأة، فمن منا لم يغب ساعاتٍ ويوماً وأياماً بأكملها، وعاد ليجد أمه وزوجته وأخته وابنته، والملايين ممن يشبههن، واقفاتٍ في المطبخ، يلبسن “الكلابيات” و”بنطلونات الجينز” و”ملابس العمل”، ويوحدهن ارتداء “المريول” فوقها، بعضهن لا يعملن خارج البيت، وعدد منهن موظفات ومعلمات ومحاميات وصحفيات وطبيبات، عدن من أعمالهن، وبدأن مهمتهن الثانية، في النصف المُتبقي من النهار.
اليوم المُزدوج، والمُسمى أيضاً العبء المزدوج أو الخدمة المزدوجة، تعريفٌ بالأشخاص الذين يعملون لكسب المال في حين أنهم مسؤولون أيضاً عن مقدارٍ كبير من العمل المنزلي غير المأجور، على ما تذكر عالمة الاجتماع “آرلي راسل هوكسشيلد” في كتابٍ عنوانه: “نوبة العمل الثانية”، ولا نحتاج مصادر وأدلّة، لنقول في مجتمعنا، النساء غالباً يقمن بهذا الجهد الإضافي، حتى إنه لا يعد “إضافياً” أو “ثانياً” بقدر ما هو “طبيعي” و”بدهي”؛ تعود إحداهن من عملها، وتتجه فوراً إلى المطبخ، وخلال إعداد الغداء، تغسل وتُنظف وتُعلِّم، وكل ما تعرفونه وتعيشونه، وربما تصلح كرسياً أو تبحث عن سببٍ لتسرب المياه في الحمام أو أسفل المجلى، ولا يفوتنا أنها أنهت أعمالاً منزلية كثيرة في الصباح، ما بين الخامسة والنصف والثامنة إلا ربع.
وحتى عندما يُشارك “الرجل” في المهام المنزلية، فالفرق واضح بين الوقت الذي يُسهم فيه كلٌ منهما، ومن غير المُفاجئ هنا، ما تقوله دراسةٌ أجرتها منظمة العمل الدولية قبل عامين، وصلت في نتائجها إلى أن المرأة تُنفق عدداً من الساعات، يزيد بنحو خمس مرات عما ينفقه الرجل، في العمل غير المأجور في رعاية الأطفال، ومن ثم، هل تُريد النساء أجراً مقابل يومهن المُزدوج، والذي تقضيه بقية أفراد العائلة في اختيار ما يرغبون تناوله أو متابعة التلفزيون أو الاعتراض على غسيل قطعة ثياب أو عدم غسلها؟، علينا أن نسألهن، لكن ما يمكن قوله بثقة، إنهن يحتجن التقدير والاحترام، مع “المُشاركة الفعلية”، وليس “المُساعدة” كما يُسميها البعض، وما نحتاج جميعاً تذكره، أن الأدوار التقليدية للجنسين في مجتمعنا، والتي قبِلها المجتمع بمرور الزمن، لعبت دوراً كبيراً في الوصول لهذه النتيجة، إضافة إلى عدم المساواة في الأجور، وعدم الثقة بمقدرات النساء العاملات في مختلف المهن، والكثير مما يجب التوقف عنده.