صباحك عطر.. أم الياسمين
ابتسامتك البهية وكلماتك العذبة تمس شغاف القلوب فتعطرها بالود والمحبة وهذا ما يليق بك أمي.. أنت الانتصار وأنت من بشرت بأنه قريب وكبير وقادم لا محالة على أجنحة العزيمة والصبر، وكان الصدق في صوتك يعزف موسيقا جميلة استطاعت أن تضبط أنفاس أبنائك على لحن واحد هو لحن الأمل..
صباح الفل والياسمين لك أيتها الأم السورية العذبة.. بك نبدأ يومنا بعناقك وقبلاتك وبك نزيّن آخر صورة نطبق عليها رموشنا لنكمل مشوار الفرح في أحلامنا.. نذكر كلاماتك الذهبية وصوتك هديل الحمام ونحن نختبئ في أحضانك “طالما توجد أم..لا يوجد هم”.
اليوم كبرنا يا أمي خرجنا من عباءتك.. وصار القلق يضنينا ونخشى على صغارنا وصغيراتنا.. كم من الأيام مرت وهمسات دعائك تحرسنا وتحمينا وتراتيل قرآنك وكتبك المقدسة تغمرنا بالهدوء والسكينة.. وصار الغياب عنك محكوماً لطول انشغالنا وأعمالنا، لكن زحمة الحياة وأمواجها العاتية لا تلبث أن تقذف بنا إلى شاطئك فنركع في حضرتك ونخفض أجنحتنا لرحمتك وعدالتك.
أيتها الأم السورية العذبة لا ندري كيف نالت الآلام من قلبك فأشعلت به النار وأحرقته وأكلته، وكيف بقيت كالسنديانة المباركة تطلقين صيحات الحماس والبطولة وتتوجين أبناءك الشهداء بزغاريد العرسان وتنثرين العطر في مواكب العزّ وفوق رؤوس الجنود الأبطال.. فكانت وصاياك وحبك الرصاصة في وجه المجرمين والقتلة والخائنين..
يا أمنا الرائعة يا سوريتنا؛ أمام أحزانك وجراحك وصمتك لا أجد ما يقال سوى دموع تغسل الوجوه التي أطفأها الوجع.. اليوم أنت وحدك تزرعين القمح وتخبزين للفقراء وتطعمين أبناء الشهداء وترقعين أثوابهم وتخيطين للصبايا فساتين العرس في انتظار عودة البواسل من جبهات القتال.. اليوم يا أمنا زاد حملك وكبر همك وفوق صدرك جبال من الأنقاض والخراب وعصابات الغدر تحوم كالغرابيب السود فوق سقفك وتطلق الشؤم بكل اللغات.. وأنت أيتها المباركة الطاهرة تزفين الشهداء وفلذات الأكباد وتقدمين من التضحيات ما تعجز عن وصفه الأقلام بدماء أحبابك بصور ذكرياتهم الغالية وتنهضين أمام الواجب المقدس في محراب الوطن الغالي بإرادة وقوة وبسالة تقولين “لا مكان للمتخاذلين والجبناء.. فالوطن المبارك لن يدنسه الغرباء مهما بلغت قوتهم ومهما تعاظم إجرامهم”.. أنت يا أمنا الشجاعة قريباً تعلنين النصر وتنزعين ثياب الحداد، نعدك بكل الحب والتضحية والشجاعة التي أرضعتها أبناءك أننا من هذا البلد الطيب ومن فوق ترابه الطاهر سنصنع نصراً وسلاماً وحباً وقمحاً وزيتوناً يضيء العالم بأنواره ويكون قصة خالدة للبطولة تليق بأم تودع ابنها إلى جبهة العزّ والكرامة.