مؤتمرات خمس نجوم
في الوقت الذي يتطلب من الجميع شد الأحزمة وضغط النفقات نرى بعض الجهات تقيم الفعاليات أو المؤتمرات التي يطغى عليها البذخ بشكل مبالغ فيه، ولدرجة يتمنى البعض في المؤسسات والقطاعات الحكومية على إداراتهم «أن ينالوا جزءاً من تلك «البعزقة» لإقامة أنشطة وفعاليات مماثلة تتعلق بعملهم على مبدأ «ضرب عصفورين بحجر واحد»، أي عرض مشكلات القطاع على أعلى المستويات وكذلك الترفيه وتناول وجبة دسمة .!
قد تنقسم الآراء بين من يؤيد ذلك بحجة «الإتيكيت» وأن ظروف العمل تتطلب حضور شخصيات مهمة لمناقشة هموم الشريحة المستهدفة، وبين من يعارض ذلك لأسباب يرى فيها إسرافاً لا بل تشكل استفزازاً لأكثرية الناس الذين بالكاد يجدون ما يسد رمقهم في هذه الظروف القاسية.
نعم، لا ننكر أهمية عقد المؤتمرات والجهد المبذول تحضيراً لإنجاحها حتى ترى النور, أي وصولاً إلى إعلان التوصيات في ختام الفعاليات، إذ تبدأ من الدعاية والترويج لها لتقنع الناس بأهميتها ويظنون للوهلة الأولى أنها «ستخرج الزير من البير»، ناهيك بالجهود والأموال والوقت، والأهم التحضير لأوراق العمل والحجز في أفخم الفنادق إذا تطلب الأمر ذلك، ففي زمن الرخاء والعز قبل الحرب كانت تكاليف أي فعالية تعدّ أمراً طبيعياً، أما في الوقت الراهن فتعد مبالغة.!
الموجع في الموضوع أن من عقد المؤتمر من أجلهم في أغلب الأحيان هم من أكثر الشرائح حاجة للدعم بمستلزمات الإنتاج ومقوماته، ومن الأجدى أن يتم استثمار تلك الأموال بتقديم مستلزمات الإنتاج لهذه الشريحة الأكثر تحملاً وهشاشة في المجتمع..
والمفارقة أن التوصيات التي ستخرج بها الفعالية, قد لا تخرج عن بضع أوراق تنتهي إلى الأدراج, لا أحد يتابع تنفيذها ولا حتى يكلف نفسه عناء السؤال عنها «بدليل مئات الورشات التي تمت تغطيتها انتهت إلى ذلك», لأن من يريد العمل وإثبات نجاح خططه لن يحتاج إلى الإشهار والعلنية بتلك الفخامة التي تستفز حتى المدعوين أنفسهم, إلا إذا كان العصف الذهني يحتاج تلك البهرجة من دون مراعاة لمشاعر من تقوم البلاد على أكتافهم!.