تحركات جديدة لمصرف سورية المركزي للمحافظة على استقرار الأسعار وتوازن سوق العمل

كشف مصرف سورية المركزي في دراسة جديدة أن التفاعل بين السياستين المالية والنقدية مع الحفاظ على تكامل السياستين بعيداً عن الدمج والهيمنة المالية، من شأنه أن ينتج استجابة قوية في ظل الظروف التضخمية وتباطؤ التعافي الاقتصادي واستمرار تعاقب الأزمات العالمية المؤثرة في الاقتصاد السوري، مع إتاحة المجال بشكلٍ أكبر للبنك المركزي لاستخدام أدوات السياسة النقدية وبشكل أكثر مرونة بعيداً عن هيمنة السياسات الأخرى، والتركيز المستمر على هدف استقرار الأسعار.حيث تتخذ البنوك المركزية سياساتها وفقا للتفويض الممنوح لها من قبل السلطات بهدف المحافظة على استقرار الأسعار وتوازن سوق العمل.
ولفت المركزي الى دراسة بهذا الشأن قام بها بنك التسويات الدولية تضمنت مسحين الأول على البنوك المركزية شمل 22 بنكاً مركزياً إفريقياً، والثاني على الاقتصادات وتضمن 20 من اقتصادات الأسواق الناشئة، وركزت على التفاعل بين السياستين النقدية والمالية.
وبينت الدراسة أن السياسة المالية تسمح على المدى القصير بزيادة الإيرادات المالية والوصول إلى أسواق المال الدولية والمبادرات الرسمية ولكن بشكل مؤقت.
وعلى المدى المتوسط لفت المركزي أن الأساسيات المالية الضعيفة تسعى للاندماج في سبيل إعادة الديون إلى مسار مستدام وتخفيف مخاطر التمويل.
وتشير التوقعات الحالية إلى انخفاض نسبة الديون إلى معدلات الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن مستويات الدين مرتفعة لدرجة لا يمكن معها الارتياح في ظل تلك الإجراءات.
أما السياسة النقدية فيتعين عليها الموازنة بين دعم الاقتصاد والحفاظ على معدلات التضخم تحت السيطرة.
فالانتعاش البطيء يمكن أن يضعف قيود العرض من تأثير التشديد وتتلاشى مع الوقت، وحتى الآن فإن البنوك المركزية لم تستجب عموماً للتضخم المرتفع، ولابدَّ من الإشارة إلى أن تطبيع السياسة النقدية يقلّص الحيز المالي.
ومع هشاشة المواقف المالية فإن السياسة النقدية المتشددة تؤدي إلى ارتفاع علاوة المخاطر السيادية وتخفيض سعر الصرف، ولذلك لابدّ من تشديد القيود المالية. وإن تأثير خفض التضخم الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة يقابله انخفاض في سعر الصرف، إضافة إلى ذلك فعند عدم الوصول السهل لتمويل البنك المركزي تحتاج الحكومات إلى زيادة اقتراضها من الأسواق، ومع تشديد النظام المالي فقد تقلص البنوك من شهيتها للدين العام.
وأشار المركزي في نشرته الدورية أن الارتباط الوثيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية الذي تعزز يثير شبح الهيمنة المالية، وبالتالي فإن الآثار المالية للسياسة النقدية تعوق مجال المناورة المتاح للبنوك المركزية سواء بسبب العواقب الاقتصادية والمالية التي تمنع إجراءات السياسة النقدية (الهيمنة المالية الاقتصادية)، أو بسبب ضغوط الاقتصاد السياسي (الهيمنة المالية السياسية).
وتوصلت الدراسة إلى أن التفاعل الوثيق بين السياستين المالية والنقدية نجح في تقديم الدعم للاقتصاد من صانعي السياسة.
فكانت كلتا السياستين متكاملة ومعاكسة للتقلبات الدورية، واعتبر رد فعل البنوك المركزية أقوى من رد فعل السلطات المالية، فارتفعت الديون لتقييد الاستجابة المالية.
وعلى الرغم من ذلك فإن هذه العلاقة الوثيقة تشكل مخاطر مستقبلية، حيث إن تدهور الوضع المالي يرتب تحديات كبيرة على الاقتصاد بما فيها البنوك المركزية على خلفية الضغوط التضخمية وتباطؤ التعافي.
كما يمكن للضغوط السياسية أن تثقل كاهل السياسة النقدية وتولد توترات بين صانعي السياسات، ولابدّ للبنوك المركزية من التمسك بهدف استقرار الأسعار لتؤكد من جديد على الحدود المتينة بين السياستين المالية والنقدية ودرء مخاطر الهيمنة المالية.
أدوات السياسة النقدية:
هذا وتستخدم المصارف المركزية للعب هذا الدور الكلاسيكي ولتحقيق الأهداف المرسومة، أدوات السياسة النقدية التي تتناسب مع تركيبة الاقتصاد.

ويظلّ سعر الفائدة أحد أهم أدوات السياسة النقدية الذي يلجأ إليه صنّاع السياسة النقدية لكبح جماح التضخم، حيث يجري رفع سعر الفائدة لتحفيز الاقتصاد لينمو ويخلق وظائف.
وتقوم البنوك المركزية بهذا الدور في الحالات الطبيعية، وعند الأزمات تتحرك البنوك المركزية لتلعب أدوارا تتجاوز بها هذا الدور، وتستخدم أدوات غير تقليدية للتصدي للأزمات وانعكاساتها على النشاط الاقتصادي والوظائف واستقرار الأسعار.
برنامج التيسير النقدي:
وحول أهم الأدوات التي تستخدمها المصارف لتحقيق الاستقرار في الأسواق والأسعار قال الخبير المصرفي أنس نغنغ : من أبرز الأدوات التي تستخدمها المصارف المركزية برنامج التيسير النقدي وشراء السندات، وأيضا إعلان البنوك المركزية عن الاتجاهات المستقبلية للسياسة النقدية ومؤشراتها والفائدة السلبية، وكذلك برامج للإقراض وتوفير السيولة.

وقد لجأت البنوك المركزية إلى هذه الأدوات بعد الأزمة المالية العالمية واستطاعت أن تعيد التوازن للاقتصاد العالمي والأسواق المالية.
واشتركت البنوك المركزية في بعض الأدوات كبرنامج التيسير النقدي، مع تطوير التواصل مع الأسواق بالإعلان عن اتجاهات السياسة النقدية، بينما قام البنك المركزي الأوروبي بتنفيذ برنامج الإقراض منخفض التكلفة وطويل الأجل، هذا إلى جانب اعتماد سياسة الفائدة السلبية.
ومن المؤكد أن البنوك المركزية ستعيد هذه التجربة في استخدام باقة متنوعة من الأدوات غير التقليدية، لمواجهة تداعيات الأزمات والحروب.
ويلاحظ مؤخراً تحسب البنوك المركزية حيث بدأت في تغيير اتجاهات السياسة النقدية.
السوق الأوروبي والأمريكي كان يخطط رفع سعر الفائدة إلا أن الفيدرالي الأميركي قام بأول خفض طارئ لسعر الفائدة خارج أجندة البنك المعلنة وتفعيل آلية الاستقرار المالي وصندوق الإنقاذ.
ومن المتوقع أيضا أن تتفق البنوك المركزية على برنامج لإقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة
لم يختلف الوضع كثيرا في الصين حيث أقدم بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) الإعلان عن برنامج تحفيزي بالإضافة إلى تخفيض الاحتياطي بـ1 في المائة، وهو ما يسهم بتوفير ما يعادل 55 مليار يوان من السيولة في النظام المصرفي الصيني.
وضخّ البنك المركزي خلال أول ثلاثة أشهر هذا العام سيولة بمقدار 1.2 تريليون يوان وقدم تسهيلات ائتمانية للشركات المتضررة
وواصل البنك سياسة التحفيز حيث أعلن تخفيض الفائدة على الاحتياطات الزائدة ، وذلك ليساعد البنوك في التوسع في الإقراض.
وإلى جانب الصين، تحركت الحكومات كذلك بخطط مالية تحفيزية
وهذا التكامل بين الخطط التحفيزية (النقدية والمالية) هو ما ستواجه به الحكومات التداعيات الاقتصادية للأزمات والحروب الذي يتوقع أن يكون تأثيرها عميقا على الاقتصاد العالمي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار