سياسة تقشّف التقشف!
في تصريح هو أشبه باعتراف، قال رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق: إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت نحو 40% عن أسعار المواد ذاتها في معظم الدول العربية، محملاً المسؤولية إلى تصريحات حكومية ساهمت في إيجاد فوضى في الأسواق والأسعار، في الوقت الذي تراجع فيه الوضع المعيشي حتى أصبحت الأغلبية العظمى من المجتمع في حالة سيئة من الدخل بالرغم من اتباع سياسة تقشف التقشف وحذف قائمة طويلة من احتياجاتنا الرئيسة ليزيد الطين (بلّة) تبعات الحرب الروسية- الأوكرانية على الأسعار خاصة في هذه الظروف الراهنة التي أصبح فيها كيلو البرغل (أكلة الفقراء) يلامس خمسة آلاف ليرة، علماً أن كميات المواد الغذائية متوافرة بأنواعها وبأسعار فلكية باستثناء الزيت التي أصبحت الحرب الروسية مؤخراً شماعة لتعليق فورة الأسعار وغليانها من جديد.
بالتأكيد إن عدم توافر الزيت أو بعض المواد هو السبب الأول والأخير لارتفاع سعرها واحتكارها من التاجر، والحلّ يكون بالتدخل الإيجابي، لكن المشكلة في الارتفاع الفلكي للأسعار، فالتقشف لأقصى حد هي السياسة المتبعة في كل بيت، والنتيجة اتساع الهوة ما بين قلة تملك الكثير تزداد ثراء، وأكثرية من أعداد الفقراء تصل حدّ الفاقة والعوز.
نعم الواقع المعيشي مؤلم ووعود ملّت من سماعها الناس وأحلام بانفراجات وضبط الأسعار هي أوهام ..فالمواطن يدرك جيداً الظروف الصعبة والتعقيدات التي يتكبدها البعض لتأمين المواد، لكن أن تصل زيادة الأسعار نحو 40% مؤخراً وباعتراف مدير حماية المستهلك هذا له معنى واحد هو انفلات السوق والفوضى والقصور بالمحاسبة، يكفينا تلاعباً بفتات عيشنا ونهب أجورنا فإذا كانت نسبة الزيادة في الأسعار هكذا..! لماذا يشغل المعنيون بـ(لقمة اطعامنا) مهامهم إذا كانوا عاجزين عن ضبط سوق ولو بالحدود الدنيا.. متى تكون المحاسبة فعلية؟ متى يتم محاسبة الحيتان الكبار قبل الصغار أم يبقى المواطن المسكين يدور في حلقة مفرغة إما الجوع وإما الخضوع لابتزازات وسلوكيات بطرق غير مشروعة للوصول للقمة عيشه؟.