أين الفرص البديلة؟
يا للغرابة, منذ اليوم الأول كان العالم يدرك أن ما يحدث هو بداية لصنع نظام عالمي جديد، لا مكان فيه للجمهور الذي يرتقب وينتظر ويتفرج، وإنما المكان لمن يحسن صناعة الفرص ويثبت وجوده وإلا فإن القطار لن يلتفت ولن ينتظر ولن يحمل الغافلين والحالمين والنيام.
ووفقاً للميزة التاريخية المتمثلة بموقعنا الجغرافي الذي يتوسط القارات الثلاث فإن وضع الخطط الإستراتيجية التي تضمن مصالحنا سيكون العنوان الأبرز في صناعة الفرص، ولعل الوقت مناسب لبناء غرف تفكير وتخطيط ملحقة بالهيئات الحكومية المعنية وفي مقدمتها رئاسة مجلس الوزراء تضم الخبراء والمستشارين والمطورين لتقديم أفضل الأفكار لصناعة الفرص التي تستحقها بلادنا ومواطنونا..
ولعلّ رئاسة الوزراء فتحت بمبادرة لافتة ومهمة أبوابها أمام الصناعيين ورجال الأعمال والمستثمرين للتشاور والحوار وتقديم الأفكار لتأمين الاحتياطي وترشيد السلع الأساسية.
وغداً يعقد اتحاد الفلاحين مؤتمره المهم بحضور نخبوي من الحكومة والمعنيين لطرح الملف الزراعي ومتابعة حيثياته لأنه يمثل الطريق الأفضل لتأمين السلع والمنتجات الغذائية الرئيسة التي تشكل البديل المتاح عن استيراد هذه المنتجات بالقطع الأجنبي ولاشك في أن فاتورة الاهتمام بالزراعة والمنتج الحيواني مهما ارتفعت فهي تبقى أقل بكثير من الاستيراد والنقل والشحن ولاسيما في ظل هذه الظروف.
الآن وقت الانطلاقة نحو الاقتصاد الزراعي فهو الفرصة الآنية التي نحتاجها للخروج من دوامة العوز والفقر, وسورية أصلاً بلد زراعي.. وهذا الاستثمار يجب أن يحظى بالمقام الأول من الاهتمام لأن الفلاحين واليد العاملة متوافرة وهؤلاء لديهم المهارة والعزم، وكذلك الأراضي الزراعية متوافرة بكل المحافظات السورية لكن المستلزمات وتكالف الزراعة والتمويل تشكل العقبة الأساسية ، وبالتالي فإن تجاوزها يمكن أن يكون من خلال شراكات حكومية استثمارية مع الفلاحين وأصحاب الأراضي لزراعة المحاصيل الإستراتيجية من قمح وبقوليات وخضار وغيرها إضافة إلى المشاريع الزراعية المتعلقة بالثروة الحيوانية.. والموضوع ليس صعب المنال.. فسورية ما قبل الحرب كان لديها احتياط إستراتيجي من القمح ومنتجاته ولم يعد العزف على صعوبة الزراعة في المناطق الشمالية والشرقية مجدياً لأن كل المحافظات السورية لديها الظروف التي تسمح بهذه الزراعات الإستراتيجية ، لكن لابد من وضع الخريطة والمحفزات لاستثمار كل شبر من الأراضي الزراعية عبر تخطيط الأراضي وإشراف الهيئات الاستثمارية مباشرة على هذه الزراعات وربطها بالصناعات الغذائية.
رغم كل الظروف نستطيع أن نصنع فرصنا بأيدينا وهذا أفضل بكثير من انتظار من يسرج لنا الحصان.. لأن التاريخ والحياة علّمتنا عبر الكثير من التجارب أن انتظار غودو.. لن يجدي نفعاً.