كم ستحتاج من انهيارات؟
بالأمس القريب انهار بناء مؤلف من أربعة طوابق فوق رؤوس ساكنيه في محافظة حماة ونتج عنه أربع ضحايا، وحسب التحقيقات بسبب خلل في الإنشاء وسوء في التنفيذ، هذه النوعية من الأخبار صارت تندرج تحت بند الأخبار الاعتيادية كأن نسمع أحياناً برفع أسعار المواد الاستهلاكية اليومية، حتى إنها لا تبعث على الغرابة أو الاندهاش..
قد نتعاطف معها أحياناً لثانية من الوقت ونكمل مسيرة حياتنا اليومية ، فكثيراً ما نسمع خبر انهيار بيوت في مناطق متفرقة ونتج عنها ضحايا لكن كأن شيئاً لم يكن.
ربما بعد طي أكثر من عقد على الحرب اللعينة التي قتلت ما بدواخلنا من مشاعر إنسانية، لكثرة ما مر علينا من مشاهد قتل وتخريب، حتى تعددت الأسباب والموت واحد من حرائق و تفجيرات إرهابية وليس أخيراً بضحايا حوادث الحرائق، وكأن كثرة السياط التي تصيبنا جعلت مشاعرنا متبلدة تجاه ما يحدث.
بالعودة إلى أسباب المشكلة لتساقط أبنية بالتأكيد ليست وحدها تداعيات الحرب هي السبب الكامن لما يحدث لأن في حقيقة الأمر أن الأبنية التي تحيط في أي مدينة خاصة في دمشق وما يسمى بأحزمة البؤس موجودة منذ عقود، حتى باتت بغمضة عين تنجز الآلاف من الأبنية المخالفة من (تجار الأرواح) الذين لا همّ لهم سوى تحقيق المزيد من الأرباح، وهذا النوع من التجارة وجد في ظروف الحرب التربة الخصبة لنمو تلك العلب البيتونية بأدنى المواصفات وبأقل التكاليف لحاجة الناس الماسة لسقف أو مأوى تحتمي به، ولغض نظر الجهات المعنية عنها بذريعة ظروف الحرب التي أنتجت واقعاً جديداً فرض تداعياته على الجميع، والدليل أن آليات البناء لم تتوقف من دون حساب أو الأخذ بعين الاعتبار الأضرار التي ستدفعها الأسر التي ستسكن تلك العلب لعدم دراسة للأرض إن كانت صالحة للبناء، أو من ناحية التنفيذ ضمن المواصفات المطلوبة.. ليبقى هم تجّار البناء الإنجاز بأقصى سرعة ممكنة قبل أن تستيقظ أعين الجهات الرقابية.
ترى كم يحتاج الأمر لانهيارات بيوت على رؤوس أصحابها لإيقاظ الجهات المعنية بالرقابة؟!