القمر السوري
تأتي الليالي الشديدة الظلمة ثم لا تلبث أن تضاء بالنجوم وينشر القمر ضياؤه الجميل فتتبدد العتمة هكذا هي طبيعة الليالي وطبيعة الحياة واليوم مجموعة من التطورات تفرض نفسها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي لم تكن في أحسن أحوالها في ظل التطورات الأخيرة في ملف الأزمة الأوكرانية وانطلاق عملية عسكرية للحليف الروسي للحفاظ على أمن روسيا الوطني وحماية الأمن العالمي ..وهذه الريح الشديدة الهبوب ستفرض واقعاً جديداً لابد أن يكون لكل من الحكومة والتجار والمواطنين دورهم في تأمين سلامة البلد لتمر العاصفة بأقل الخسائر الممكنة ولعلها تكون بدون خسائر في ظل تعاون وتماسك اجتماعي وشعور عال بالمسؤولية من الجميع .
الحكومة بدأت بخلية أزمة مصغرة واجراءات وخطوط عامة لترشيد الموارد من نفط وقمح وغاز بما يضمن تواصل تأمينها بالسوق وان كان بكميات أقل من السابق ..
ان التخطيط لإدارة التداعيات المحتملة وخاصة في مجال الطاقة والغذاء والنقل يأتي في وقت صعب حيث يعاني الاقتصاد السوري من صعوبات كثيرة جراء النقص في هذه الموارد ومرد ذلك أساساً ناجم عن احتلال مصادر هذه الموارد من القوات الأميركية في شرق البلاد وشمالها، تضاف إلى ذلك خسارة سورية عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات الماضية من الحرب والتي خرجت من المصارف السورية ووضَعَها أصحابها في المصارف اللبنانية.
واللوحة كما تبدو شديدة الغيوم .. فأسعار النفط والغاز بدأت بارتفاعات خطبرة حيث تجاوز برميل النفط سقف ال103 دولار وأسعار الغاز ارتفعت بنسبة 35% ونتيجة للمستجدات الأخيرة وأبرزها الارتفاع المتسارع لأسعار النفط الذي يؤثر في توريدات سورية من المشتقات النفطية وزيادة تكاليف هذه التوريدات، وكذلك ارتفاع تكاليف أجور النقل العالمي الذي سينعكس أيضاً ارتفاعاً في تكاليف التوريدات، إضافة لارتفاع أسعار المعادن وما يصاحبه من ارتفاع في أسعار الصناعات ومنتجاتها بشكل كبير على المستوى العالمي وهذا كله سيؤثر زيادة في أسعار المواد الغذائية العالمية ومكونات السلة الاستهلاكية للمستهلكين.
وأمام هذه التجيات تحركت الحكومة لوضع جملة من الخيارات التي لابد منها لترشيد استخدام الموارد المتاحة والقليلة أصلاً اضافة الى البحث عن موارد جديدة وعقود جديدة لن يكون ذلك سهلاً لكنه ممكن وفعال ولاسيما من خلال تفعيل الاتفاقات الاقتصادية مع دول الجوار وفتح المعابر ما بين سورية والعراق والأردن ولبنان .
ان المصلحة الوطنية في هذه الفترة تتطلب اتخاذ ما يلزم حسب ما بينه وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لإدارة المخازين المتوفرة من المواد الأساسية (القمح، السكر، الزيت، الرز ومادة البطاطا) خلال الشهرين المقبلين ومتطلبات تعزيزه والتدقيق في مستويات توزيع هذه المواد وترشيدها لضمان استدامة توفرها ودراسة كل الخيارات لتوريدها بمختلف الوسائل. اضافة الى وضع قائمة بالتوريدات الأساسية الأكثر ضرورة خلال الشهرين المقبلين والاتفاق على عقود التوريدات ومتابعتها والتشديد على الموردين لاستكمال الموَقع منها بأسرع وقت ممكن ومراجعة المواد التي يتم تصديرها وتقييد التصدير خلال الشهرين المقبلين للمواد يمكن أن تسهم في استقرار السوق كمادة زيت الزيتون والمواد الغذائية المحفوظة وغيرها من المواد وأيضاً إدارة احتياجات السوق من الأدوية. كذلك دراسة إمكانية تخفيض بعض الأسعار الاسترشادية لبعض المواد الأساسية بهدف تخفيض أسعار هذه المواد في السوق المحلية.
و وضع خطة لتوزيع كل المشتقات النفطية خلال الشهرين المقبلين بما يضمن الانتظام في التوزيع وترشيد هذه العملية للقطاعات الضرورية وأيضاً وضع خطة لتخفيض الكميات التي يتم تزويد السوق بها تدريجياً ودراسة واقع التوريدات والتأكيد على أهمية سرعة معالجة موضوع استبعاد الشرائح من الدعم وفق ما تم إقراره للاستفادة من منعكساته الإيجابية على مستوى الوفر في استهلاك المواد المدعومة.
وعلى المستوى المالي والمصرفي، قرر مجلس الوزراء تشديد الرقابة على سوق الصرف لضمان استقراره خلال الشهرين المقبلين ومتابعة التطورات المتوقعة واتخاذ ما يلزم حيالها.
الى جانب الترشيد في تخصيص القطع خلال هذه المدة لتلبية الاحتياجات الأكثر ضرورة ووضع برمجة زمنية ونقدية مناسبة لتمويل عقود القمح كمادة استراتيجية.- وأيضا العمل على ترشيد الإنفاق العام حالياً بحيث يقتصر على الأولويات خلال هذه المدة حرصاً على عدم زيادة التمويل بالعجز. كذلك العمل على التشديد في مراقبة الأسواق وتوحيد الجهود لمراقبتها والتأكد من ضبط الأسعار ومنع أي شكل من مظاهر الاحتكار والتلاعب باستقرار السوق.