تتسارع الأحداث على الساحة الدولية بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعترافه باستقلال دونيتسك ولوغانسك.
الحملات الغربية التي تشن اليوم ، وحرف الحقائق أو اجتزاؤها من جانب الإعلام الغربي، تعيدنا بالذاكرة عشر سنين الى الوراء ، و تذكّرنا بالحملات التي شنها الغرب آنذاك ضد سورية في المرحلة الماضية، وكيف جرى تزييف الحقائق والضخ الإعلامي على مدار الساعة .
في سورية، لا أحد تفاجأ بالتصعيد الغربي ضد روسيا حول قضية أوكرانيا، وما يحدث اليوم في الأخيرة يؤثر بلا شك على سورية من خلال الهجـمة التي تنفذها الدول الغربية على سورية، والموقف الروسي الداعم لحقوقنا في مواجهة الإرهـاب.
تشخيصٌ الموقف الدولي المعقّد حول أوكرانيا وتبعات الصراع المتصاعد لابدّ أن يلقي بظلاله على مستوى العالم العربي والأطراف المؤثرة في المنطقة ، فما هو تأثير هذا القرار على خريطة التموضعات الدولية الأساسية في ظل ترقب اشتداد المواجهة بين روسيا والغرب الأمريكي، وما انعكاسات القرار الروسي على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وخاصة على صعيد الملف السوري، إذ لا يمكن الفصل بين التوتّر القائم حالياً فيما يتعلق بالملف الأوكراني والنظرة الروسية إلى الوجود العسكري الأميركي غير الشرعي في سورية .
من الجائز عدّ الساحة السورية جزءاً من مسرح المواجهة الدولي بين موسكو و واشنطن، لولادة نظام دولي جديد بالنظر إلى الأهمية الجيو-سياسية لموقع سورية ، وعلى الرغم من احتلال أحداث الصراع في أوكرانيا صدارة المشهد الإعلامي العالمي، فإن الملف السوري لم يغِب عن عين الإدارة الروسية، يحضر بقوة ما يؤكد قدرة موسكو على متابعة كل ملفات الصراع مع الولايات المتحدة، في أكثر الساحات، بدءاً من إعلان الشراكة الاستراتيجية مع الصين، مروراً بأوكرانيا وسورية، ولا تنتهي في فنزويلا التي تعدّ جزءاً من الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
إن انعكاس الأزمة الأوكرانية لابدّ سيكون كبيراً علينا في المنطقة ، وفي سورية على وجه الخصوص ، فإن المطلوب هو توخي أقصى درجات الحذر، وتعزيز العلاقات مع الحلفاء ، فالدول الغربية – التي استباحت العالم ودعمت الإرهاب وتستخدم القوة وأساليب الخداع والضغط وتعدُّ مَنْ يسيرُ في نهجها ديمقراطياً وحراً بينما من يرفض الانصياع لنهجها معادياً للديمقراطية والحرية- لن تتوقف عند حدّ معين ، وستمضي في التضييق والحصار ، وعرقلة أي جهود من شأنها حلّ الأزمة السورية ، لذلك لابدّ من تعزيز التحالف بين سورية وأصدقائها لكي نمضي في تعزيز مسيرة القضاء على الإرهاب بدعم الحلفاء والأصدقاء وفي مقدمتهم روسيا .
إن تلاقي المصالح والسياسات العدائية الأمريكية والأوروبية على فرض العقوبات الاقتصادية القسرية على الشعب السوري يتجدد اليوم في محاولة للضغط على روسيا التي تعمل إلى جانب الصين من أجل عالم متعدد الأقطاب والأحداث في أوكرانيا تشغل العالم بأكمله، لأن الجميع يعلم بأنها نقطة مفصلية بعد الإعلان الصيني الروسي عن واقع النظام الدولي الجديد الذي تقف في وجهه الولايات المتحدة. باختصار؛ ما يحدث ليس بعيداً عنا، و يمكن أن يترك آثاراً على مستقبلنا سلباً أو إيجاباً تبعاً لتطورات الموقف الدولي .