هل يمكن لسورية الاستفادة في التجربة العُمانية الرائدة في الطاقات المتجددة؟
استندت العلاقات السورية- العُمانية إلى مبدأ الاحترام المتبادل وتغليب مصلحة شعبي البلدين الشقيقين، عززتها رغبة مشتركة في تمتين أواصر هذا التعاون، في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، وحافظت تلك العلاقات على متانتها وقوتها عبر التاريخ ولم تنقطع يوماً رغم الحرب الإرهابية التي شنت ضد سورية.
اليوم وعلى ضوء استمرار هذه العلاقة وإعطائها زخماً جديداً مع زيارات مسؤولي البلدين، وخاصة زيارة وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي إلى دمشق نهاية الشهر الماضي، فإنه بالإمكان تعزيز هذه العلاقات في مختلف المجالات لاسيما أن عُمان تعد رائدة في العديد من القضايا، وقد استطاعت عبر السنوات الماضية أن تخط لنفسها وللعالم تجارب يمكن البناء عليها، والاستفادة منها.
نذكر على سبيل المثال المستوى المتقدم الذي بلغته السلطنة في موضوع الإفادة من الطاقات المتجددة حيث سجلت المرتبة الثالثة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فـي الطاقة المتجددة والخامسة عشرة على مستوى الاقتصادات الناشئة والثامنة والثلاثين عالميّاً، حسب تقييم «كلايمت سكوب» لعام 2021 الذي نشرته وكالة “بلومبيرج”.
ويركز تقييم «كلايمت سكوب» على ظروف الاستثمار في تنويع مصادر الطاقة على مستوى العالم، حيث يقيم قدرة الدول على جذب رؤوس الأموال للتقنيات منخفضة الكربون مع بناء اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة.
ويأتي حصول السلطنة على هذا المركز؛ نتيجة تبنيها إستراتيجية طموحة من أجل تنويع مصادر الطاقة، من خلال التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة بما يعود بالنفع على البيئة والحدِّ من الانبعاثات الكربونية.
وطالما الحديث عن الطاقات المتجددة، فإن الحكومة السورية تضع نصب اهتمامها اليوم إقامة مشاريع للطاقات المتجددة، والتركيز على الاستثمارات بالطاقة البديلة، وذلك بغية حل مشكلات الكهرباء، والانطلاق في إعادة الإعمار، وإقامة الاستثمارات المختلفة التي تعتمد على الكهرباء بالدرجة الأولى.
لهذا يمكن الإفادة من التجربة العُمانية في سورية، لاسيما مع وجود إرادة كبيرة من البلدين لتعزيز التعاون الثنائي، يأتي هذا متزامناً مع إعلان سورية أن العديد من الشركات المحلية والعربية والعالمية، ترغب في الدخول بسوق الاستثمار بالطاقات البديلة، وتتم الآن دراسة العديد من العروض من شركات عربية لإنشاء محطات توليد كهروضوئية.
مواقف عُمان كانت على الدوام داعمة لسورية وشعبها، وتبدي حرصها في كل المناسبات، كما دمشق لتعزيز هذا التعاون في مختلف المجالات، ويكنُّ الشعب السوري للشقيق العُماني كل الود والتقدير، وبالتأكيد من شأن التعاون في موضوع الطاقات المتجددة أن يضيف لعلاقات الشقيقين بعداً آخر، يرقى إلى مستوى علاقات سياسية متينة أرسيت دعائمها بشكل وثيق وتمضي اليوم بعزيمة وإصرار.
وجدير بالذكر أن سلطنة عُمان تعمل بجهود حثيثة للانتقال إلى مرحلة متقدمة من التعاون العربي الشامل، وفق مبدأ الاحترام والتعاون ومد يد العون لتأسيس تعاون ثنائي، ومنذ اندلاع عشرية النار في سورية فإن سلطنة عُمان هي الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي وقفت موقفاً متوازناً، ولم يكن هذا الموقف مفاجئاً نظراً إلى التقاليد والأعراف التي درجت عليها عُمان في سياستها الخارجية، بل استخدمت نفوذها من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، والآن تسعى عُمان، إلى أداء دور أكبر في مساعدة سورية على الاندماج من جديد في الأسرة العربية الأوسع، وإعادة إعمار بناها التحتية، فهل يمكن الإفادة من تجربة الأشقاء، ونحن بأمس الحاجة لهذا؟