بكم تشتري الحظ ؟
لم يكن من المتوقع هذا الإقبال على ظاهرة شراء بطاقات الحظ واليانصيب والهرولة للمشاركة في برامج ومسابقات تزعم إنك ستربح الملايين وما عليك سوى أن تضغط الزر أو تكتب الرقم أو تمسح البطاقة حتى تحصل على حقيبة مملوءة بالأموال ..
وكأن جلهم في حالة غفلة ممن لا حظّ لهم ! وفي مقدمة هؤلاء بائعو البطاقات الذين يفترشون الطرقات ويركضون وراء المارة لبيع الحظ وهم لو كانوا من أهله لما وصلت أحوالهم إلى ما هي عليه ! والرابح الأوفر حظاً هو من يمتلك مفاتيح صناعة الحظ ويستثمر ببيع هذه المنتجات الورقية والإلكترونية وغيرها ..ولاسيما تلك المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي .
والجهة التي تتاجر بالحظوظ تعمل بالحاسة السادسة مستثمرة أحلام الناس بالثراء.. فتبيع الأحلام والأمنيات وتوزع الحسرة والغصة في القلوب المنكسرة , ولعلها تستحق التصفيق على عروضها السخية التي تتسلل عبرها إلى جيوب الناس وأفكارهم وأحلامهم ..ثم ترمي بهم في قارعة الطريق بعد أن تسلب مدخراتهم القليلة , فتلك البطاقات تبدو في الظاهر وكأنها لا تكلف المشترك إلا بعض الطلبات كتسويق منتجها إلى عشرة أشخاص أو دفع مبالغ لا تتعدى عدة آلاف ليرة .. إلا أنها في حقيقة الأمر تعتمد في نجاحها على استثمار الظروف السيئة وغير السيئة للمتاجرة بأحلام الناس بالحصول على النقود أو السفر أو الهدايا من خلال استغلالهم وهم في غفلة، غير مدركين أن ما يدفعونه من مبالغ وبحسبة صغيرة مع عشرات الآلاف من المشتركين أو المضاربة مع آخرين يتجاوزون الملايين. فتحصل تلك الجهات على ثروات طائلة من قوتهم ومما اقتطعوه من أموالهم الصغيرة ثم تدفع لهم ببعض الهدايا والأمنيات بحظ أفضل في المرات القادمة ..
الحظ .. هو الترجمة للعمل والصبر وقراءة الواقع ، وما تحصل عليه الشركات من تجارة الحظ يأتي نتيجة خطة مدروسة . وبالحديث عن صناعة الحظ نؤكد أن الإنسان يمكن أن يصنع الحظ الجيد بالتفكير الناضج في تحديد هدف واقعي , والعمل الجاد والمخلص في تحقيقه , فالحظ لا يأتي من خلال انتظار الصدفة وحدها.
وقد يكون للظروف الخارجية دور ما في صناعة الحظ، لكن لنكن على ثقة بأن من بذل جهده وإخلاصه وأتقن عمله سيكون الحظ في طريقه وأكثر .. بل سيلحق به الحظ الحسن حيثما يكون لأن الحظ يحب المبادرين والمخططين والناجحين .
وتكون الحسرة وسوء الطالع لمن يطارد الحظ وهو غارق بالكسل والخمول وشتم الظروف وذلك لعجزه عن تغيير واقعه بالعمل والصبر والاجتهاد، ولدينا نصيحة لإخوتنا اللاهثين وراء الحظ ومفادها استيقظوا من غفلتكم.. ولمن يريد عنوان الحظ سيجده أقرب مما يتصور وما عليه الا أن يعتمد على نفسه وإرادته , فالإرادة تجعل الإنسان أكثر قدرة على الوصول إلى أهدافه مع الصبر والإصرار .