«برج دمشق» يغصّ ببضائع “ستوكّات”.. و«حماية المستهلك» لا ترد !
برج دمشق، هو المكان الذي يتردد إليه مئات المواطنين يومياً بهدف صيانة أجهزتهم الخلوية، وشراء قطع تبديل لها، أو لشراء ملحقات خاصة بهذه الأجهزة «سماعات، شواحن، وصلات وغيرها» والبعض يلجأ لهذا المكان أملاً في العثور على جهاز مستعمل يكون سعره أرحم على جيوبهم من أسعار الأجهزة الجديدة التي لا تناسب القدرة الشرائية للأغلبية, ولاسيما أن الإقبال على سوق المستعمل أصبح كثيفاً بعد القرار الحكومي بجمركة الأجهزة الحديثة, الأمر الذي ضاعف أسعارها.
من يحميهم ؟
مهند أحد الأشخاص الذين توجهوا إلى البرج بعد نفاد عمر بطارية جواله ، ولا قدرة له على شراء جهاز جديد, يقول: دفعت ثمن البطارية /40/ ألف ليرة، وأكد لي البائع أن نوعيتها “أورجينال ” ولكن عند الاستخدام الأول اكتشفت أنها تالفة، فعدت إلى البائع وقام بتبديلها بواحدة أخرى ، وطالبني بالبطارية السابقة على اعتبار أنها جديدة فأجبته بأنها غير صالحة، ويجب ألا يقوم بتركيبها لزبون آخر، فأجابني بأن لا شأن لي بذلك، فصمتّ حتى لا يتطور الموقف بيننا فأنا أريد بطارية صالحة ولا أريد الدخول معه في عراك .
عدت إلى المنزل لكن المشكلة نفسها، ويضيف: طالما يعلمون أن عندهم بضائع رديئة وغير صالحة فلماذا يقومون ببيعها للمواطن ويعرّضونه للغش وخسارة أمواله ؟، فمن يقوم بتبديل بطارية جهازه هو حكماً شخص ليست لديه القدرة المادية لشراء الجديد .
أما مصطفى فاشترى جهاز «آي باد سامسونج » مستعمل بمبلغ/ 450 / ألف ليرة وأكد له البائع في البرج أن الجهاز “خارق النظافة” ولا مشكلة فيه ، ولكن عند استخدامه اكتشف أن هناك مشكلات في الجهاز وبعد جدال طويل قبل البائع أن يرد له أمواله.
السيدة لينا تتحدث يومياً مع أولادها في الخارج عبر الإنترنت ولساعات طويلة, لذلك فهي لا تستغني عن السماعات حتى لا تضطر لوضع الجهاز كل الوقت على أذنيها, تقول: منذ حوالي/ 5 / أشهر حتى اليوم استبدلت حوالي 6 سماعات وكل بائع يقسم لي بأن هذا أفضل الموجود في السوق، لكن جميعها رديئة، أحسست بأنني رميت أموالي في القمامة .
هذه الشكاوى وغيرها الكثير تدفعنا إلى التساؤل: كيف تدخل هذه البضائع الرديئة إلى أسواقنا، ومن المسؤول ، ومن يحمي المواطن من الغش والتدليس اللذين يتعرض لهما ؟
حسب طلب الزبون
يشير صاحب أحد محال الصيانة في البرج إلى أن البضائع تختلف أسعارها بحسب جودتها، وأن الباعة يشرحون للزبون مواصفات كل سلعة وله حرية الاختيار حسب إمكاناته المادية، فعلى سبيل المثال يوجد بديل للشاشة بسعر/ 150 / ألف ليرة وآخر بسعر/ 190 / ليرة وفي بعض الأحيان يكون سعر جهاز الزبون لا يتجاوز الـ200 ألف ليرة , أي إن ثمن تركيب الشاشة يعادل ثمن الجهاز لذلك يكون السعر الأقل هو الخيار الأنسب له .
يعمل محمود مفلح كمسوّق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأجهزة الموبايل وملحقاتها ومن خلال خبرته أوضح أن جودة المنتجات المستوردة في هذا المجال تأتي بدرجات «نخب أول، ثانٍ، ثالث» و حسب الأسواق سواء كانت شعبية أو راقية, فلكل طلبها وأذواقها التي تختلف بحسب القدرات الشرائية للزبائن، وعندما يختار الزبون نوعية المنتج بسعر أقل حتماً ستكون الجودة أقل وعمرها أقصر مقارنة بالجودة والسعر الأعلى، كما أن السوق يحوي مئات الأنواع من السماعات والشواحن والوصلات وغيرها من الملحقات الخاصة بأجهزة الخلوي، لافتاً إلى أن بطاريات هذه الأجهزة تكون تالفة في بعض الأحيان نظراً لتخزينها لفترة طويلة، و حلّ هذه المشكلة يكون بوجود كفالة لهذه القطع، فهي التي تضمن حق الزبون، كما لفت مفلح إلى أن قرار جمركة الأجهزة الخلوية أثّر سلباً على تجار “الموبايلات ” نظراً لقلة الإقبال على شراء الأجهزة الجديدة.
عليهم تحمّل المسؤولية
شكاوى كثيرة وردت إلى جمعية حماية المستهلك حول البضائع المخالفة المنتشرة في الأسواق وخاصة المتعلقة بالأدوات الكهربائية وقطع صيانتها.. بدوره عبد الرزاق حبذة أمين سر الجمعية أشار إلى أن الجمعية راسلت وزارة الصناعة منذ فترة طويلة بشأن الشكاوى الكثيرة الواردة بهذا الشأن ولم تتلقَ أي رد، مبيناً أن على هيئة المواصفات والمقاييس السورية أن تقوم بدورها، وأيضاً المراقبة من قبل عناصر الجمارك للمنافذ الحدودية والأماكن التي يتم من خلالها إدخال هذه البضائع، و التعميم على وزارة الاقتصاد بعدم السماح باستيراد أي بضاعة قبل إجراء الكشف الفني والحسي عليها والتأكد من صلاحيتها و جودتها، وتفعيل فترة الصيانة بالنسبة للمنتجات المحلية، وأن يتوافر الضمان والصيانة المجانية بتكلفة بسيطة، وعدم السماح باستيراد المواد المخالفة للمواصفات القياسية السورية أو المواصفات الأوروبية، منوهاً بأن بعض التجار يستوردون بضائع صينية رديئة من حيث النوعية مقابل تخفيض السعر، وأنه من الضروري وضع تسعيرة مناسبة حسب الأسعار التي تم بها الاستيراد،
وهذه المهمة تقع على عاتق وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والقيام بجولات مشتركة ودورية من قبل وزارة الصناعة والجمارك وحماية المستهلك على كل الأسواق المتخصصة ببيع هذه المنتجات لأن الأسواق تغصّ بالمخالفات وخاصة سوق الكهرباء ومنطقة البرج ، وشدد على أهمية التقيد بوجود بطاقة منشأ مرفقة مع كل سلعة تبيّن بلد المنشأ ومدى صلاحيتها .
تنظيف الأسواق
اتصالات متكررة ومراسلات عديدة تم إجراؤها مع المعنيين في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للسؤال حول دور الوزارة في ضبط هذه المخالفات، ولكن لم نتلقَّ أي رد من قبلهم !
على كل حال، نتمنى من الجهات المعنية في قادم الأيام تشديد الرقابة على هذه الأسواق لأن الاستمرار بانتشار هذه البضائع هو هدر للقطع الأجنبي الذي نحن في أمسّ الحاجة لتوظيفه في المكان الصحيح ، كما أنه يشكّل خسارة لجيوب المستهلكين المتعبة أصلاً، والأهم أننا لا نريد لأسواقنا أن تصبح مكباً لتصريف الصناعات الرديئة .