الدعم النقدي والطاقات البديلة تضمن استمرار الفلاح بزراعة محاصيله… تعاون اتحاد الفلاحين والزراعة لدعم الفلاحين وحل مشاكلهم
ارتفعت تكاليف إنتاجية الأراضي الزراعية نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي بسبب الحرب والعقوبات الاقتصادية، ورغم التسهيلات التي تقدمها وزارة الزراعة تبقى المشكلة الكبرى التي تواجه الفلاح هي التمويل المالي لتغطية تكاليف الإنتاج المرتفعة واستمراره بزراعة أرضه، فما الحل؟
خطر حقيقي
يرى الخبير التنموي أكرم عفيف أن الفلاح منذ سنوات ما قبل الحرب يتعرض لخسائر بمواسمه، ولكن الفارق أنه قبل الحرب، كانت تكلفة إنتاجية الدونم الواحد تقدر بين خمسة آلاف وخمسين ألف ليرة، أما اليوم فتصل تكلفة الدونم الواحد وسطياً إلى 700 ألف ليرة، منوهاً بأن الأسرة الريفية التي تعتاش من المحصول الزراعي وتعتمد عليه لتمول المحصول القادم تحتاج لـ40 دونماً أي بحاجة إلى 28 مليون ليرة.
وأكد عفيف ضرورة إيجاد طرق لتمويل المحاصيل بسبب عدم قابليتها للاستمرار بسبب قلة التمويل، وقال: الكثير من المزارعين في العام الماضي لم يتمكنوا من سقاية أراضيهم بسبب ارتفاع سعر الماوزت الذي وصل إلى 3000 ليرة، وخلال الساعة الواحدة يحتاج الفلاح لـ 17 ليتراً، أي ما يعادل 50 ألف ليرة كل ساعة، وهذه التكلفة المرتفعة أدت لعزوف الفلاح عن سقاية محصوله، وتحديداً زراعة الفستق في المناطق الشرقية التي تعتمد في السقاية على الآبار الإرتوازية، محذراً من خطر حقيقي يهدد هذا المحصول في العام الحالي.
تمويل نقدي
وأوضح عفيف أن الحل يتمثل بمنح المصرف الزراعي تمويلاً نقدياً لزراعة الأراضي بضمانة المحصول، أو إحداث شركات خاصة تمول الفلاح بضمانة المحصول، وضرورة تقديم تسهيلات لشراء المحاصيل حفاظاً على استمرارية الإنتاج وتدخل مؤسسات الدولة كالسورية للتجارة لشراء المحاصيل بأسعار منطقية وبذلك تحمي المنتج والمستهلك من استغلال التجار للفلاحين الذين يضطرون لبيع محاصيلهم بأثمان بخسة ليستمروا في الزراعة وتسديد الديون المترتبة عليهم.
ولفت عفيف إلى أن الجهات الحكومية تأخرت هذا العام بتوزيع بذار الشوندر السكري مما أثر على زراعة المحصول، كما أن تأخر الأمطار وانتشار الفئران في الحقول يستدعي البحث عن نظام تأميني على المحاصيل لضمان استمرار الفلاح بالزراعة، مشيراً إلى أن المشكلة بعقلية صانع القرار التي تفكر بشكل اقتصادي لا تنموي، ففي عام 2021 الذي سمي عام القمح، تم بيع كيلو الشعير في السوق السوداء بسعر وصل الى ـ1400ليرة بينما القمح بـ 700 ليرة، وهذا فيه إجحاف كبير، ولذلك لم تسلم الغالبية من المزارعين محاصيلها، رغم الحاجة الماسة للقمح والنقص الكبير به، وحجة الحكومة أنها تشتري القمح بالسعر العالمي لكن يجب أن تدرك أن الأموال التي تذهب للفلاح تحرك السوق الداخلي وتنعش الاقتصاد المحلي.
مسألة أمن غذائي
يبدي رئيس الاتحاد العام للفلاحين خالد خزعل تحفظه على الفكرة التي أطلقها الخبير التنموي بإنشاء شركات خاصة تقوم بتمويل عملية الإنتاج الزراعي بضمانة المحصول لأن في ذلك عودة إلى زمن الإقطاع واستغلال الفلاح، ولا يحبذ الترويج لها، وأن الجهات الحكومية المثمثلة بوزارة الزراعة والمصرف الزراعي هي الضامن الوحيد لاستمرار العملية الانتاجية ودعم الفلاح بعيداً عن استغلاله، وقال: الحصار الاقتصادي والعقوبات القسرية هي السبب الرئيس لانخفاض إنتاجية الأرضي الزراعية، ففي العام الماضي زرع الفلاح أرضه من دون سماد، ولكن كانت الفكرة أن الإنتاج القليل أفضل من لا شيء، رغم ذلك تبذل الجهات الحكومية جهدها لتأمين متطلبات العملية الإنتاجية ضمن الإمكانيات المتاحة، مبيناً أن الاعتماد على الطاقات البديلة يمكن أن يكون حلاً لمشكلة نقص المحروقات، مضيفاً: هناك توجه كبير في المرحلة الراهنة من قبل الفلاحين لزراعة النباتات العطرية كونها تحقق ربحية أعلى ولا تتطلب الكثير من المستلزمات، ولكننا لا نشجع على انتشارها الواسع، لأن العزوف عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية يمس أمننا الغذائي.
دعم حكومي
ماذا قدمت وزارة الزراعة لدعم الفلاح بالمحاصيل الإستراتيجية؟ يجيب أحمد دياب مدير الإنتاج الزراعي بوزارة الزراعة أنه تم احتساب تكاليف الإنتاج وفق الأسعار الرائجة، كما تم تسعير المحاصيل بأسعار السوق مع الأخذ بعين الاعتبار التكلفة والأسعار العالمية مع هامش ربح مجزي للفلاح، إضافة لتعديل السعر أكثر من مرة تماشياً مع الارتفاعات التي طرأت على أسعار مستلزمات الإنتاج، و تأمين الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية بأسعار أقل من السوق بنسبة 15- 20%، ودعم مزارعي الشوندر السكري ببذار مستوردة وبأسعار مدعومة مقارنة مع الأسعار العالمية.
وأضاف: تقدم وزارة الزراعة الخدمات الإرشادية وتساهم في مكافحة الأمراض والآفات وفئران الحقل التي تصيب المحاصيل وتقدم المبيدات الحشرية بشكل مجاني، إضافة للقيام بأبحاث علمية بهدف تقديم الأصناف التي تتلاءم مع الظروف المناخية وبأسعار مدعومة من خلال مؤسسة إكثار البذار، كما أن شبكات الري الحكومية تقدم خدماتها حتى اليوم بأسعار رمزية لا تتعدى 7000 ليرة سنوياً، وفي عملية تسويق المحصول تتكفل الوزارة باستجرار كل الكميات وتقدم قروضاً بفوائد ميسرة مقارنة مع باقي المصارف، كما أن الحكومة تتحمل 50% من قروض الري الحديث.
وأكد دياب أن الوزارة على تواصل مستمر مع اتحاد الفلاحين لحل المشكلات التي تعترض الفلاحين في كافة المناطق بهدف تنفيذ الخطة الإنتاجية وبأنه تم التنسيق بين وزارة الزراعة والإدارة المحلية لإصدار قرار حكومي بتوجيه كافة المحافظات بمنح الأولوية في التوزيع للمازوت الزراعي وفق الطلبات الواردة وحسب الإمكانيات المتاحة، لافتاً أن تأخر توزيع بذار الشوندر السكري هذا العام لمدة 7 أيام يعود إلى الحصار والعقوبات و أن خبراء الزراعة أكدوا أن التأخير لا يؤثر على الإنتاج، وختم بأن مطالب الفلاح تنفذ بحرفيتها وفق الإمكانيات المتاحة.