إلى متى تبقى “السيحة” هاجساً بيئياً وصحياً للعائلات في ريف إدلب الشرقي؟

يشكل تجمع مياه السيحة في ريف إدلب الشرقي هاجساً بيئياً وصحياً لعشرات العائلات المقيمة عند ضفافه والموزعة ما بين أحياء المساكن الشعبية والزراعة، وذلك بعدما تحول خلال عشرين سنة الماضية من مجرى لمياه الأمطار، إلى مستنقع من المياه الآسنة الممتدة الناتجة عن تدفق مياه الأمطار الجارية (السيول من المناطق المجاورة لنهر قويق, وتدفق مياه الصرف الصحي الناتجة عن مدينتي حلب وإدلب وبعض المناطق الأخرى، وما زاد الوضع تفاقماً تحويل مياه مجاري الصرف الصحي في عدد من القرى والبلدان إليها).
المواطنون المقيمون هناك رفعوا الصوت أكثر من مرة، ولاسيما مع بدء فصل الصيف حيث تكثر الحشرات والذباب والبرغش أو مع حلول فصل الشتاء حيث تغمر مياه “السيحة” الأراضي الزراعية المجاورة ما يحاصر المواطنين داخل منازلهم ولأيام عديدة، حسبما يقول تركي المحميد من أهالي أبو الظهور، مضيفاً: إن ما نعانيه في منطقة الزراعة من آثار سلبية لهذا المجرى لا يستطيع مخلوق تحمله، ونحن نتحمله فقط لأننا تعودنا ذاك منذ أكثر من عشر سنوات أما سعاد الحسين فقالت: لدي خمسة أطفال، لم يسلم واحد منهم من الحساسية والأمراض الصدرية، كل ما ينتجه زوجي يذهب للطبابة والدواء.
ويؤكد المواطنون أنه منذ أكثر عشرين سنة والسيحة مكانها تراوح لم تحل المشكلة، فالمياه بالإضافة إلى أنها ملوثة بالصرف الصحي فهي أيضاً ممزوجة بمواد كيميائية رفدتها المصانع في حلب وإدلب وهي لا تزال تتدفق إلى مجرى السيحة الذي تحول على امتداد مئات الهكتارات إلى بقعة سوداء تسرح فيها الزواحف والحشرات حسب قولهم، ويكشف أحدهم أن الأهالي كانوا قد أرسلوا في الماضي كتاباً إلى وزارات الزراعة والإدارة المحلية والري واتحاد الفلاحين يتضمن معلومات عن السيحة وعن المشاكل التي تسببها ومن ضمنها المواد الكيميائية التي تأتي مع المياه عبر “عبارات” الأسمنت التي تصل السيحة بالمجرور الرئيسي.
ويشير المزارعون عبد الفتاح الصالح ومعن حسون المواس ومعن خضر الخالد إلى أن تلوث الأراضي الزراعية في السيحة من خلال غمرها بمياه ملوثة أدّى إلى أضرار في المزروعات والبساتين، وإلى نفوق اعداد كبيرة من طيور الدجاج البلدي، إضافة إلى الروائح الكريهة المنبعثة في كل الاتجاهات, ويؤكدون أن هناك خوفاً من تفاقم الحالة، ليطول صحة المزارعين والعمال الزراعيين، لأن حوض السيحة مصدر رزق لشريحة واسعة من أبناء القرى هناك وأبناء القرى المجاورة، فلا يجوز أن نهمل مصالحنا ونسكت عن حقوقنا.
وفي رده على شكاوى المواطنين قال المهندس محمد نور طكو معاون مدير زراعة محافظة إدلب: يوجد في منطقة السيحة التابعة لناحية أبو الظهور قسمان تغمرهما المياه كل عام ونتيجة الأمطار ومياه نهر قويق للصرف الصحي في حلب إضافة لضخ 2 متر مكعب في الثانية من نهر الفرات وهما على الشكل التالي: السيحة الشرقية (سيحة حميمات الداير ومساحتها 5300 هكتار وتحدها قرى حميمات الداير – المستريحة – تل الفخار – تلجينة – التويم – الوسيطة – طوحينة – البراغيتي – أبو الظهور .
السيحة الغربية (سيحة تل السلطان) مساحتها 350 هكتاراً ويتبع لها من محافظة حلب 250 هكتاراً و 100 هكتار من محافظة إدلب والقرى التي تحدها هي تل السلطان – تل الطوقان – رأس العين – الحسينية – أما القرى التي تتبع لمحافظة حلب فهي (الواسطة – جزرايا).
وعن المحاصيل الزراعية التي تزرع في منطقة السيحة يقول معاون مدير زراعة إدلب: فيما يتعلق بالمحاصيل الشتوية فهناك القمح والفول والشعير ومحاصيل طبية وعطرية والنسبة الأكبر للقمح ويأتي بعدها الفول أقل نسبة من زراعة الشعير والنباتات الطبية العطرية .
المحاصيل الصيفية: القثاء- ذرة بيضاء والنسبة الأكبر للقثاء وتزرع بعد انحسار مياه السيحة، والسيحة كانت ترخص بشكل مروي على أنها مساحات مروية من نهر قويق حيث إن الفلاحين كانوا يزودون برخص إرواء نظامية من مديرية الموارد المائية في حلب بشكل سنوي من أجل زراعتها بالمحاصيل الشتوية فقط وكانت تمول من المصرف الزراعي في سراقب أصولاً .
واقترح معاون مدير زراعة إدلب إقامة سواتر ترابية لمنع تمدد مياه السيحة في السنوات الماطرة نحو الأراضي الزراعية المزروعة بالمحاصيل الشتوية وضرورة تأمين باكر عدد 2 لزوم أعمال إقامة السواتر الترابية، وتأمين محروقات للمحركات التي تروي المساحات الزراعية على السيحة، وتأمين الأسمدة اللازمة للمساحات الزراعية في منطقة السيحة للاستفادة الأفضل من تلك المساحات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار