سخط بريطاني

يعقد حزب “المحافظين” البريطاني اليوم اجتماعه السنوي، وسط أزمات حادة تعصف بالحزب الحاكم وتوجّه ضربة شديدة لرئيس الوزراء بوريس جونسون الذي يشهد هو وحزبه تراجعاً شعبياً ملحوظاً، وسط مخاوف من شتاء آخر يتسم بالسخط الشعبي.

أزمة الوقود المستفحلة في عموم المملكة المتحدة منذ أسبوعين ومشاهد الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود التي انقسمت بين مغلقة ومشرّعة لكن بلا وقود، تتصدّر أزمات بريطانيا إلى جانب جائحة “كوفيد١٩”، وتداعيات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي ترخي بثقلها على الواقع الاقتصادي لبريطانيا، والتي أفضت اليوم بأحد صورها إلى أزمتي غذاء ووقود ناجمتين عن النقص الحاد في سائقي الشاحنات لتسليم السلع إلى المحال الكبرى، والوقود إلى المحطات التي شهدت ساحاتها مشاجرات ومعارك بالأيدي، وقيام سائقين بتخزين الوقود في زجاجات المياه بعدما وصلت سلاسل الإمداد لنقطة الانهيار.

لا شك أن تمدد الغضب الشعبي المدفوع بأزمة الوقود، يشكّل متاعب سياسية لجونسون الذي لا يدري كيف سيقفز فوق كل ما تواجهه بريطانيا من أزمات، ليشرح لحزبه وللبريطانيين، في خطابه الذي من المقرر أن يلقيه خلال الاجتماع السنوي للحزب، عن مزايا مغادرة الاتحاد الأوروبي التي طالما روّج لها، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تداعيات كارثية لانعدام وجود رؤية مسبقة لهذه المرحلة.

رغم كل الحلول الإسعافية التي قامت بها حكومة جونسون لاحتواء أزمة الوقود -التي أنكرتها في البداية- وأزمة نقص العمالة وامتصاص الغضب الشعبي قبل الاجتماع السنوي لحزب “المحافظين”، من خلال تكليف عناصر من الجيش البريطاني بتوزيع المحروقات على محطات الوقود ومعالجة النقص في سائقي الشاحنات، وإعفاء سائقي الشاحنات الأجانب من التأشيرات لمدة قصيرة الأجل للمساعدة في سد النقص، وإتباع هذه الإجراءات بالترويج إلى أن أزمة الوقود باتت تحت السيطرة، إلا أن الحقائق على الأرض تفنّد مزاعم الحكومة وتؤكد إغلاق الكثير من المحطات في المدن الكبرى، ناهيك عن تأكيد تجار التجزئة أن أكثر من 2000 محطة وقود ما زالت خالية تماماً من المحروقات.

ما تشهده بريطانيا اليوم من احتقان في الشارع مدفوع بأزمة وقود، وطلائع أزمة غذاء مع فقدان بعض السلع من الأسواق، يشي بأن الحكومة البريطانية لم تكن مستعدة لـ”بريكست”، وليس لديها رؤية لمرحلة ما بعد “بريكست” لمواجهة تداعياته التي بدأ البريطانيون يصرخون منها ويتخوفون من شتاء سيعانون خلاله من نقص في الوقود والغذاء والكهرباء.

وما زاد في إحباط البريطانيين هو أن الفوضى التي تضرب قطاعات اقتصادية حيوية في البلاد تأتي غداة التعديل الوزاري الذي قام به جونسون منتصف أيلول الماضي على أنه وسيلة “لتشكيل فريق قوي موحد لإعادة البناء بشكل أفضل بعد الوباء والاستجابة لأولويات البريطانيين”، لكن ما لمسه البريطانيون سريعاً من هذا التعديل الوزاري هو اجتراع للفشل في ظل عدم وجود رؤى واضحة ومجدية، ما يشي بأن بريطانيا تسير إلى شتاء سخط كما يتخوّف الشارع البريطاني.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار