بين بايدن و«ديمقراطييه»
لا تبدو العلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه جيدة في هذه الأيام، فقد اضطر لتأجيل زيارته إلى شيكاغو والمرابطة في البيت الأبيض حتى يضمن تمرير مشروعي قانونين اجتماعيين (بقيمة خمسة آلاف مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية والإنفاق الاجتماعي) كانا في صلب وعوده الانتخابية.. لكن حزبه الديمقراطي منقسم حولهما ويحبذ تأجيل البت فيهما وإجراء مزيد من النقاش حولهما.
يجهل بايدن كيف يقنع حزبه بضرورة ألا يظهر أمام الرأي العام الأميركي بصورة العاجز عن تنفيذ وعوده الانتخابية بفعل عدم تمرير هذين المشروعين.. بالمقابل لا يبدي حزبه- الحزب الديمقراطي- تفهماً ويرى أن هناك أولويات لا يراها بايدن، وبعضها مُلح مثل تمرير مشروع قانون رفع سقف الدين العام الفيدرالي، بعد تحذيرات أطلقتها وزارة الخزانة من أنه إذا لم يرفع الكونغرس سقف هذا الدين، اعتباراً من الـ 18من تشرين الأول المقبل، فإن الولايات المتحدة ستقع للمرة الأولى في تاريخها في مطب التخلف عن سداد ديونها السيادية.
أيضاً.. هناك استطلاعات الرأي التي تظهر استمرار الانحدار بشعبية بايدن حتى تكاد تصل إلى حدود الـ40 بالمئة، رغم أنه لم يُكمل بعد عامه الأول في الرئاسة.. والأنكى من ذلك أنه ولأول مرة تظهر استطلاعات الرأي تأييداً لرئيس سابق على حساب رئيس حالي، أي لترامب على حساب بايدن (51 بالمئة من الأميركيين يرون أن ترامب كان رئيساً أفضل من بايدن مقابل 49 بالمئة لهذا الأخير).
هذه الاستطلاعات تثلج بلا شك صدر ترامب وتعطي مصداقية لأقواله حول عمليات التزوير التي حدثت في الانتخابات وإلا لما فاز بايدن.. وبقدر ما هي استطلاعات مُفرحة لترامب بقدر ما هي مُخيبة لبايدن، فإذا كان هذا حاله في عامه الرئاسي الأول فكيف سيكون حاله في الأعوام الثلاثة المقبلة. وإذا ما استمر الحال فإنه من غير المتوقع أن يكون مرشحاً في انتخابات عام 2024 وهذا سينعكس على حال الحزب الديمقراطي ككل، فأي من كان سيترشح عنه لهذه الانتخابات فهو سيتأثر سلباً بأداء بايدن وانحدار شعبيته.
قد يُقال إنه من المبكر الحديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، فما زال هناك ثلاث سنوات ستشهد الكثير من الأحداث والتطورات، وليس بالضرورة أن يبقى حال بايدن كذلك.. هذا صحيح ولكن من يراقب ويتابع سلوك البيت الأبيض، وكيف يتصرف مسؤولوه وكأن ترامب يعشش في رؤوسهم كابوساً يومياً، لا يستغرب ذلك الحديث المبكر.. ويرى كيف أن ترامب نحج في جر بايدن وحزبه وإدارته إلى دائرة نقاش وجدال لا ينتهيان حول كل القضايا وتفاصيلها داخلياً وخارجياً.. ولا ينفع هنا أن يدفع الديمقراطيون مزيداً من الكتب التي تشوه صورة ترامب (أحدث كتاب صدر قبل أيام للمتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض في عهد ترامب، ستيفاني غريشام بعنوان «I’ll Take Your Questions Now – سآخذ أسئلتكم الآن» وتصف فيه ترامب بالمزاجي والكاذب.
لا شك أن ترامب سجل رقماً قياسياً في عدد الكتب التي صدرت حوله، لم يسبقه إليه أحد، لكنها لم تكن هي سبب هزيمته أمام بايدن، ويُخطئ الديمقراطيون إذ يعتقدون أنها أحد أسباب هزيمته، فالجميع يعلم أن خريطة متغيرات داخلية ودولية هي من اقتضى استبداله، وليس لأن بايدن شخص لا يُشق له غبار.
لكن الأكيد أنه يتوجب على الديمقراطيين أن يدعموا رئيسهم بصورة أكبر حتى لا تضيع فرصه وفرصهم في انتخابات 2024.