صفر أهداف
هزيمة تاريخية جديدة منيت بها واشنطن وهي تغادر أفغانستان “صفر أهداف”، مذلولة تسارع الخطا لإجلاء جنودها ورعاياها ممن كانوا عالقين على الأرض الأفغانية.
مشاهد الانسحاب الأميركي الأخير أعادت إحياء صور هزائم الولايات المتحدة المماثلة بدءاً من فيتنام مروراً بالعراق وصولاً إلى أفغانستان المحطة الأحدث في محطات الهزائم العسكرية و السياسية والأخلاقية الأميركية حيث لا تبدو أنها المحطة الأخيرة.
وبعد صمت مطبق أحاط عملية الهروب السريع، نطق سيد البيت الأبيض جو بايدن أخيراً في أول تعليق له مقدماً سيلاً من المبررات دفاعاً عن قرار الانسحاب قائلاً: إن الوقت قد حان لمغادرة هذا البلد بعد ٢٠ عاماً من الحرب.
وأضاف: إنّ المصلحة القومية لبلاده في أفغانستان كانت بشكل أساسي تتمحور دوماً حول منع استهداف بلاده انطلاقاً من أفغانستان مؤكداً أن المهمة في أفغانستان لم تكن يوماً بناء دولة. ورغم كل التبريرات الأميركية لا يمكن فصل الانسحاب الأميركي عن معانيه, والمعنى الأكثر بروزاً هو الهزيمة التي استعجلت انسحابهم بهذا الشكل المذل وضعف تقديراتهم للوضع الحقيقي على الأرض كما أقر بايدن.
تراجع سيد البيت الأبيض عن أهداف أعلنها أسلافه قبل عشرين عاماً مع بدء غزو أفغانستان والتي حملت عناوين تدور حول مزاعم مكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية ما هو إلا دليل جديد على إفلاس السياسة الأميركية وتقهقر إضافي في مصداقية واشنطن ومكانتها في العالم و بث المزيد من المخاوف لدى المتعاونين معها وكذلك مع أقرب حلفائها والذين بدؤوا يشككون في مصداقيتها كحليف حيث دأبت على التخلي عنهم وفقاً لمصالحها وعند انتهاء صلاحية وظيفتهم تتركهم يتخبطون بمصير مجهول . وبعد ٢٠ عاماً من الغزو لأفغانستان السؤال المطروح حالياً هو ماذا ترك الأميركيون خلفهم؟ ربما الإجابة الوحيدة تتمركز حول أنهم تركوا بلداً ممزقاً وفقيراً تحكمه التنافرات مع انعدام البنى التحتية لقيام دولة حقيقية، بلد حكمته واشنطن بالحديد والنار وفاقمت انقساماته وأزماته، ورغم كل تلك الويلات لم تحقق واشنطن أي هدف لها على الأراضي الأفغانية بل طبعت هزيمة إضافية على جبينها سيذكرها التاريخ جيداً.