كعادته دائماً في كل خطاباته تحدث السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم بمنتهى الصدق والشفافية وبوضوح كامل في الرؤية لحركة الاحداث والمتغيرات محلياً وإقليمياً ودولياً وبتوصيف دقيق للواقع كما هو وكما يراه سيادته صعب وعسير، ولكن تجاوزه ليس مستحيلاً إذا ما توفرت الإرادة بل يمكن أن يكون الواقع الداخلي السوري الصعب بسبب الحرب الكونية على سورية منذ عشر سنوات ونيف والحصار الاقتصادي الإرهابي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على الشعب السوري يقول سيادته: (يمكن أن يكون فرصة لابتداع الحلول الداخلية التي تخفف من وطأته).
لا نستطيع أن نحيط بكامل ما جاء في الخطاب من خلال مقال واحد ولكننا يمكن أن نتوقف عند بعض القضايا التي تناولها سيادته محلياً وإقليمياً ودولياً.
فعلى الصعيد المحلي ركز السيد الرئيس على الوعي الشعبي الكبير لحجم المؤامرة التي استهدفت سورية وشراسة العدوان الدولي وأذرعه الارهابية التي استهدفت الحجر والبشر وكل ما هو قائم لخدمة هذا الشعب، ولكنه صمد وقاوم وانتصر، وأثبت للعالم أنه شعب لا يسقط في أحضان المعتدين ولا ينصاع إلا لقراره الحر وإرادته التي لا تلين.
وعلى الصعيد الإقليمي، فقد ركز سيادته على أسلوب الغدر والخيانة الذي تنتهجه بعض دول الإقليم في الجوار القريب والبعيد والذي يهدف في المحصلة للوصول إلى وضع الشعب العربي أمام معضلة انقلاب المفاهيم المرتبط بلعبة المصطلحات والتي يسير بها الغرب، وللأسف تسير معه بعض الأنظمة العربية وشرائح من الشعب العربي نحو الهاوية، ما يمهد الطريق لتفتيت المجتمعات وتهيئة الظروف لاندلاع الحروب الأهلية فيها.
أما على الصعيد الدولي فقد وصّف سيادته، برؤيته الثاقبة ودقته المعهودة، ما يحدث على الساحة الدولية من صراع سياسي واقتصادي وعسكري وليس لأحد أن يكون بمنأى عنه أو محايداً بل إنه في وسطه شاء أم أبى، حيث قال سيادته: (نحن اليوم جزء من عالم هائج تتصارع أقطابه والصراع لن يهدأ حتى يحسم أحد الأطراف النتائج لصالحه أو يحصل توازن قوى، حتى ذلك الوقت عالمنا هو غابة لا مكان فيها للإنسانية والأخلاق، حرب مباشرة أو عبر وكلاء، دعم إرهاب، إسقاط دول، تجويع شعوب، ساحة بلا حدود وبلا قواعد ونحن في وسطها، لا مكان للهروب منها أو للحياد فيها، وأخطر ما فيها هو الحرب النفسية التي تهدف لترويض الشعوب بعد نسف ثقافاتها وإعادة تشكيل مفاهيمها).
بقدر الموضوعية الشديدة التي يتحلى بها السيد الرئيس في تشخيص القضايا والوقائع والأحداث المحلية والإقليمية والدولية، لديه ثقة لا تتزعزع بالشعب العربي الحي عموماً والمواطن السوري الشريف خصوصاً لأنه مهما اشتدت المصاعب وازدادت الضغوط سيكون على قدر التحدي والمواجهة ويمتلك من الوعي الفردي والجمعي ما يؤهله لإفشال أنواع الاستهداف كافة وبهذا الصدد قال سيادته:(قد أثبتنا في هذه الحرب أننا شعب لا يدجن وعيه ولا تنسخ هويته ولا ينسف انتماءه وأن الشعوب العريقة تحيا في الواقع الحي لا في الواقع الافتراضي، فلا تبرمجها حواسيب الدجل ولا تمحي ذاكرتها فيروسات الخداع ولا تسقط في فخ الاستسلام المجاني على المنصات الافتراضية).