مركز برشلونة للدراسات الدولية
عندما نفكر في غضون عشر سنوات، ونتتبع أصل الديناميكيات التي تشكل العلاقات الدولية والشخصية، فمن المرجح أننا سنبحث عن أصولها في أزمات عام 2020 والقرارات المتخذة في عام 2021 والسؤال هل ستتيح الأحداث الدولية في العالم للاتحاد الأوروبي أن يحقق مشروع التكامل الأوروبي في ظل التحديات الحالية، وما التحديات التي سيواجهها ؟
على مدار 15 عاماً، واجه مشروع التكامل الأوروبي سلسلة من الأزمات والتحديات غير المسبوقة، والتي كان آخرها خروج المملكة المتحدة من الاتحاد، إلى جانب تداعيات أزمة كورونا التي ضربت معظم دول العالم منذ حوالي سنتين، ما يقودنا إلى التساؤل حول مدى استفادة دول الاتحاد الأوروبي من الأزمات السابقة، وهل سيتم الحكم عليها بناءً على مدى استجابتها للوباء فقط، أم لإستراتيجيات التعافي الاقتصادي؟
لن تكون إدارة أزمة الوباء وخطط التعافي هي العوامل الوحيدة التي تحدد جدول الأعمال الأوروبي وقدرته على التأثير على الأجندة العالمية، فهناك استحقاقات ستشهدها بعض الدول الأوروبية، حيث ستذهب ألمانيا إلى صناديق الاقتراع في تشرين الأول 2021، وعلى الأرجح ستغادر المستشارة أنجيلا ميركل منصبها بعد 16 عاماً في الحكم. وفي غضون ذلك، ستعيش فرنسا أجواء ما قبل الانتخابات مع إعلان بعض الشخصيات السياسية عن رغبتها في خوض الانتخابات الفرنسية العامة 2022.
كما ينتظر الاتحاد الأوروبي تحديات اقتصادية كبيرة في الفترة القادمة، تتمثل في تطبيق خطط الإنعاش وتقليص معدلات البطالة، وعدم الاكتفاء بإقرار الخطة الحالية، بل ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة للبدء في تنفيذها، لاسيما أن بعض المحللين يرون أن دفع المشاريع الاستثمارية التي من شأنها أن تنعش اقتصادات أوروبا، مع ضرورة الالتزام بالتحول نحو الصناعات الصديقة للبيئة التي تعد من أولويات الاتحاد الأوروبي، تتطلب المزيد من الجهود لضمان تنفيذ الإصلاحات الهيكلية خاصة وأن تنفيذ هذه السياسات من الممكن أن تستغرق وقتاً طويلاً، وقد تصبح في بعض الأحيان موضوع مساومات سياسية مفاجئة.
ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي تمديد “المساعدات الطارئة” للحد من حالات الإفلاس، والعمل على تقليص معدلات البطالة التي شهدت ارتفاعاً في الفترة الماضية، وتجنب الفوضى الاجتماعية.
ومن التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي سياساته الخارجية مع بعض الدول ولاسيما مع روسيا والمملكة المتحدة وتركيا بعد عام من التوترات مع هذه الدول لأسباب مختلفة وبدرجات متفاوتة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية يتوجب على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث يرى الاتحاد الأوروبي أن انتصار بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية يشكل فرصة لإعادة صياغة العلاقات على جانبي المحيط الأطلسي، عبر تعزيز التعاون التكنولوجي، والدفاع المشترك عن القيم الديمقراطية حسب رأيه.
وقد يجد الاتحاد الأوروبي نفسه بعد كل المحاولات أمام طريق مسدود بسبب المواقف الدولية لبعض أعضائه تجاه قضايا دولية يصفها محللون بـ”المعرقلة”، أو بسبب انعدام ثقة الاتحاد بالنهوض لمواجهة التحديات، أو قد يكون العكس صحيحًا، حيث يمكن أن يكون عام 2021 هو عام الانتعاش والزخم والتحول، من وجهة نظر بعض المحللين .
أما التحدي الأهم الذي يواجه الاتحاد الأوروبي فيتمثل في تقليص معدلات البطالة التي مست فئة الشباب بالدرجة الأولى، إذ بينت دراسة نشرت مؤخراً أن متوسط دخل الشباب بدول الاتحاد لن يعود إلى مستوى ما قبل الأزمة حتى عام 2024. وسيترتب على ذلك تعميق فجوة تفاوت الدخل بين الأجيال وتدني مستويات النمو الاقتصادي خلال السنوات القادمة.
ويلخّص جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، ما يواجهه الأعضاء من تحديات اقتصادية قائلاً “إذا لم نعمل معاً اليوم، فسنصبح بلا قيمة غداً”.