يحمل تاريخ الرابع والعشرين من نيسان في كل عام بين ثناياه ذكرى فاجعة شعب مورست بحقه إبادة جماعية في العام 1915 أودت بأرواح أكثر من مليون ونصف مليون من أبنائه، وغيّرت جغرافيا وديمغرافيا بلد بأكمله.
العثمانيون حينذاك بنوا هيكل دولتهم الجديدة على فعل إبادة للشعب الأرمني الذي زهقت أرواح أبنائه وشتتت عائلاته وتوزّعت في كل حدب وصوب.
اللافت في الذكرى المئة والستة للإبادة الجماعية للأرمن أن يقوم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن بالاعتراف أن ما حصل في ذلك التاريخ هو فعل إبادة جماعية، وهو محق في هذا الاعتراف، ولكن بايدن كما رجب أردوغان كلاهما سليل نظام بنى هيكله على الإبادة فالمهاجرون البيض الذين وصلوا إلى القارة الأمريكية الجديدة «ما يُعرف بالولايات المتحدة الأمريكية اليوم» بنوا هيكلهم أيضاً على أنقاض الهنود الحمر الذين أبادوهم كما فعل أجداد أردوغان بالأرمن الذي يحاول جاهداً إنكار الإبادة رغم مئات الصور والوقائع والحقائق التي تثبت فعل الإبادة، ورغم شهادات أبناء وأحفاد من نجوا من الإبادة وهم اليوم موزعين في سورية والعراق ولبنان ودول عديدة حول العالم.
ليس اتهام بايدن بأنه سليل جماعات مجرمة أبادت قوماً آخرين واستولت على ممتلكاتهم وأراضيهم ونكّلت بمن بقي منهم في الولايات المتحدة ولازالت حتى الآن، دفاعاً عن سليل العثمانيين أردوغان، ولكن الحسن في الأمر أن يدين المجرمون بعضهم بعضاً ويظهروا للعالم قبح أفعالهم وجرائمهم.
إذا كانت جرائم الإبادة الجماعية بحق الأرمن قبل 106 أعوام لا تزال حاضرة في ذاكرة الشعوب المحبة للحق والعدالة والساعية للإنصاف وإعادة الحقوق فإن الجدير بالذكر أنه في اليوم الذي صادف ذكرى جرائم الإبادة بحق الأرمن، وفي اليوم نفسه الذي أقرّ فيه بايدن بأن ما جرى كان إبادة جماعية، وكذلك في اليوم ذاته يقوم الكيان الصهيوني الشريك الثالث لهذين النظامين بأفعال الإبادة بارتكاب أبشع أنواع الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وهو كان ولازال يحاول بناء هيكله على إبادة شعب آخر، وما يقوم به اليوم من قمع وتهجير للفلسطينيين يفوق شريكيه مجتمعين.
أردوغان وبايدن ونتنياهو ومن سبقوهم هم مجموعات متأصلة في ارتكاب الجرائم والمجازر والإبادة الجماعية للسكان الأصليين للأرض التي يقيمون عليها، ولا ينقص قباحة الفعل إلا أن يأتي يوم يقوم فيه نتنياهو أو سليل له بإدانة إبادة الأرمن، عندها سيكون شر البلية ما يضحك!.