للمرة الثانية .. المسرح القومي يُغير على أنشطة نقابة الفنانين في حمص!
للمرة الثانية يخالف المخرج والممثل خالد الطالب ما لا يفترض مخالفته، فالعرض المسرحي «ترنيمة الموت» الذي أعدّه وأخرجه، وجرى عرضه مساء الأحد الماضي على مسرح قصر الثقافة في حمص، ومن إنتاج المسرح القومي بدمشق، سبق له أن أخرجه لمصلحة نقابة الفنانين بحمص، وقدّمه ضمن فعاليات مهرجانها المسرحي الـ23 عام 2018.
وكان الطالب قد قدّم العرض بعنوان «مرثية الممثل الأوحد»، وهما عن قصة «كالخس» لأنطون تشيخوف، وكنا قد كتبنا عنه ضمن تغطيتنا وتحليلنا لعروض المهرجان في حينه، فالمخرج الطالب يكرر محاولته الأولى عام 2004 عندما حاول تقديم مسرحية للأطفال بعنوان «دب في المنزل» تأليف الأديب نور الدين الهاشمي لمصلحة المسرح القومي، وكان قد أخرجها في تموز عام 2003 لمصلحة نقابة الفنانين بحمص، فكتبنا على صفحات «تشرين» عن هذه المخالفة، والتدريبات قائمة على العرض، فتنبهت إدارة المسرح القومي حينذاك، فأوقفته وتراجعت عن إنتاجه. واليوم ليس بوسعنا سوى تنبيه هذه الإدارة لما فعله المخرج خالد الطالب، وهي صاحبة القرار وفق أنظمة العمل في المسرح القومي.
ما هو وهمٌ!
ولكي نكون دقيقين أضاف المخرج إلى العرض الأول الذي اعتمد على قصة «كالخس» فقط، وهو يسرد معاناته، مشهداً للعرض الثاني «ترنيمة الموت»، من «الملك لير» لوليم شكسبير، فيستعيد ما كان قد جسّده في مسيرة حياة شخصية «كالخس»، وشاركه بالتمثيل من دون أن تذكر أي فعالية في العرض، الممثل محمد خير الكيلاني. فالنص القصصي لتشيخوف – في زعمي – ماتت مقولته ولم تعد تخدم الزمن الراهن، فهو يقدّم لنا معاناة ممثل يشكو الوحدة كتب عنه تشيخوف بين عامي 1880 و1887 بما أن القصة تعود لتلك الحقبة من حياته الإبداعية، فكيف ستمسّ مشاعرنا وتجعلنا نتفاعل مع شخصية هذا الممثل التي قدّمها العرض، فهل لا يزال المجتمع ضد ارتباط امرأة بممثل مسرحي، وكأن لا شيء حدث بعد أكثر من قرن، فالإعداد لم يقم بربطه بواقع الممثلين في الوقت الراهن، حتى يجعلنا نتفاعل مع مشكلته، ومع مصيره، ولم يربط المشهد الذي استعاده «كالخس» من «الملك لير»، فحذفه لن يؤثر في بُنية العرض، كما يمكن استبداله بأي مشهد من مسرحية أخرى ..!
إهداء يشكر عليه
لعل الميزة الوحيدة للعرض المسرحي «ترنيمة الموت»، هي إهداؤه لروح الكاتب والباحث المسرحي الراحل محمد بري العواني، ولم ينتبه المخرج المعدّ أن شخصية الملقن في المسرح التي قدّمها محمد خير الكيلاني ومن دون فعالية قد انقرضت من عالم العمل المسرحي، وأنها لم تكن فعالة في العرض ولا محركة لأي فعل درامي لشخصية «كالخس» لنقتنع بوجودها، وأن محاولة ذكر أن الحرب دمرت له بيته ولذلك ينام في كواليس أو في غرفة الملابس والإكسسوارات، الفضاء الذي ظل فيه «كالخس» وحيداً يسرد معاناته، فهو إسقاط ساذج ولا يحترم جمهور المسرح، إذ ليس بكلمتين نجعل العرض مواكباً لزمننا، ونعيد السؤال: ما علاقة معاناة شخصية «كالخس» الممثل العجوز في القرن التاسع عشر بالواقع الراهن؟ متى نتوقف عن الدجل على مُشاهدي المسرح كي لا ننفّرهم منه.
أجهزة مهجورة
لا يزال المخرج خالد الطالب مغرماً بالأجهزة التي هجرها المشتغلون في المسرح، كالجهاز الذي ينفث دخاناً، ولم نعرف في هذا العرض ما هي الإضافة الدرامية التي حققها هذا الدخان؟ أما الجهاز الآخر الذي تتساقط منه ندف الثلج فهو مضحك للغاية على امتلاك المخرج ناصية ما يعدّه، إذ لم يُحسن شبك وظيفته الدرامية مع المشهد الذي استعاده «كالخس» من مسرحية «الملك لير» بشخصية الملك ذاته، لأن المنطق يقول: مادامت الشخصية بلباسها وتاجها الملكيين، أي بلغة الدراما، هي في مشهد داخلي، كيف تساقطت ندف الثلج على «لير» كأنّ قصره في العراء؟!