بانتظار مخرجات “الثلاثاء الكبير”
يتصاعد “بازار” التكهنات حول هوية الفائز بالانتخابات الأمريكية قبل “الثلاثاء الكبير”، وأي من السياستين للحزبين الجمهوري والديمقراطي ستطبع به السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم، فرغم أن العالم ينتظر الحسم الأمريكي الكبير، إلا أن الفارق لن يكون كبيراً، إذا ما خسر الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الولاية الثانية أو ربحها، فالأهم هو السياسة الأمريكية الكلّية.
العالم اليوم قد تغير، وأمريكا وهيمنتها ليست في لحظة توقفت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفردها في الساحة العالمية بالسيطرة والهيمنة على العالم والقرارات الأممية، فالقوة لم يعد يكفيها الصراخ وحده الذي عبرت عنه أمريكا بالضربات البعيدة بانتهاج سياسة “اضرب واهرب أو تحصن”، وفي الأغلب استخدام الأذرع الطويلة كالصواريخ وحاملات الطائرات أو حتى المنظمات الدولية أو الشركات الأمنية الهاربة من القوانين، أو ضرب الضعيف لإخافة القوي، وتحريك الدول التابعة، فالتعبير عن القوة اليوم بالقوتين العسكرية والاقتصادية -إذا سلمنا بهما كمعيارين للقوة- فإن مركزهما الأمريكي في وضع تخلخل.
مركز القوة العالمية في وضح انزياح، لكن ليس في اتجاه واحد، فهاهنا الصين الشعبية القوة الاقتصادية الهائلة تخرج للعالم، وروسيا الاتحادية السائرة بثبات وحذر، وقد عادت إلى بعض قواعد الاتحاد السوفييتي العسكرية والاقتصادية، بينما أوروبا مشغولة بالبحث المستمر عن هوية غير التي ارتبطت بالتبعية لواشنطن، كما تبحث عن حل لمشاكلها المتأزمة بين الدول الأوروبية نفسها، وبينها وبين محيطها الجغرافي وحتى الإيديولوجي، ما يضع أمريكا التي تستخدمها لأغراضها في إرباك الباحث عن تابع يزج به في مغامراته الدولية، ولا ينسى القوة العظمى الإقليمية مثل إيران وكوريا الديمقراطية وغيرهما وتأثيرها على السياسة الدولية.
الجراح الأمريكية كثيرة، ففي داخلها عالم من العنصرية بين الأعراق وعالم من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المتباينة بشدة، وفي الخارج الضعف ظاهر من خلال الانسحابات العسكرية الأمريكية تحت طاولة المفاوضات، فأمريكا بحاجة للوقت لإعادة هيكلتها كدولة واحدة –إن بقيت كذلك لوقت إضافي- إضافة إلى كل ذلك فالدول الصغيرة والكبيرة تبحث عن مصالحها التي في أغلب الحالات لن تبقى رهناً بالاحتكار الأمريكي.
ننتظر كما ينتظر العالم النتائج الرسمية وغير الرسمية للانتخابات الأمريكية، وما بينهما من توتير وفوضى قد تحدث نتيجة للتلاعب أو عدم التصديق بنتائج الفرز للأصوات في ظل نظام انتخابي يقال عنه “ديمقراطياً” لكن لا يخلو من الغرابة، فالانتظار هنا حتمي، ليبنى على الشيء مقتضاه.