شركاء في الاحتلال
في خطوة تدل بشكل فاضح على مشاركة واشنطن الفعلية في احتلال الأراضي الفلسطينية والجولان العربي السوري المحتل, وقعت واشنطن وحليفها الإسرائيلي اتفاقيات بذريعة “توسيع التعاون العلمي” تنهي حظراً أمريكياً مفروضاً منذ عشرات السنين لتمويل مشروعات البحث العلمي الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
هذه الخطوة الأمريكية في هذا التوقيت بالذات لها دلالاتها الواضحة والمفهومة بالنسبة لمتتبع الأحداث, فهي تأتي قبيل أيام قليلة من موعد الانتخابات الأمريكية المقررة الثلاثاء المقبل، حيث يتطلع دونالد ترامب إلى أن تلقى هذه الخطوة صدى بين الناخبين الذين يدعمون بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة, والذين يعوّل عليهم ترامب لتحسين حظوظه الانتخابية, خاصة في ظل استمرار مؤشر استطلاعات الرأي بترجيح كفة التصويت لمصلحة المرشح الديمقراطي جو بايدن.
ناهيك عن الدلالات الأخرى للخطوة الأمريكية, والتي تؤكد مرة أخرى شراكة أمريكا مع الكيان الصهيوني في احتلال الأراضي الفلسطينية وجرائم هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني وجواره, كما أنها تكرّس سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خرق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي أدانت الاستيطان بكافة أشكاله, وخاصة بعد أن أعلنت إدارة ترامب سابقاً أنها لم تعد ترى في بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة انتهاكاً للقانون الدولي.
لم يعد يخفى على أحد أن الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس, تمثّل عند الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية نقطة الارتكاز في تطبيق ما يسمى “صفقة القرن” الرامية لتصفية القضية الفلسطينية, وقد بدأت خطوات تنفيذ “الصفقة” في الضفة الغربية والقدس المحتلة ميدانياً على الأرض, حيث تعمل قوات الاحتلال على تنفيذ “خرائط ضم” مستوطنات الضفة وفرض ما يسمى “السيادة الإسرائيلية” الكاملة على الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
لا شك أن “ضم” مستوطنات الضفة الغربية المحتلة وتنفيذ سيناريوهات “صفقة القرن” ورسم “خرائط” جديدة هدفه بالأساس تعزيز ما سماه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو “الأمن الإسرائيلي” في الضفة الغربية والمستوطنات الجديدة ومواصلة مشاريع “تهويد” الضفة الغربية، الواقع الذي يؤكد نتنياهو أنه سيؤدي إلى اعتراف أمريكي بالاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة.
وعليه, فإن الغطرسة الإسرائيلية التي تسير بغطاء أمريكي تثبت مجدداً المشاركة الأمريكية في كافة الجرائم الإسرائيلية، وأن المشاريع والمخططات الأمريكية للمنطقة تتناغم مع مشاريع الاحتلال، حيث “تشرعن” الإدارة الأمريكية للاحتلال جرائمه، وتعطيه الضوء الأخضر لمواصلة مجازره وانتهاكاته من مشاريع استيطان وتهويد وفصل عنصري وإبادة وتشريد بحق أبناء الشعب الفلسطيني.