إرهاب وتطبيع وطحين!
يبدو أن الإرهاب الوحيد الذي تراه الولايات المتحدة الأمريكية في العالم هو من يضر بهيمنتها السياسية والاقتصادية، بينما في هذه المنطقة التي تخصنا، فإن “الإرهاب” الوحيد بنظرها هو العداء للكيان الإسرائيلي، فكل من يعادي هذا الكيان يعتبر نفسه مرشحاً للانضمام إلى “قائمة الإرهاب” الأمريكية، ويعاني كل منْ على هذه القائمة من الحصار والعقوبات التي تتصاعد أو تضعف حسب مؤشرات، أهمها سياسة هذه الدولة أو تلك تجاه الكيان الإسرائيلي، وبالمقابل تجاه المقاومة الفلسطينية من دعم أو شح في الدعم.
أن تؤدي سنوات من الحصار والعقوبات الأمريكية إلى الشرط الأمريكي وهو التطبيع مع كيان غاصب، يؤكد أن لا إرهاب لدى أمريكا إلا العداء لـ”إسرائيل” ويبدو أن الحصار والعقوبات ليسا إلا وسيلة ابتزاز هدفهما واحد وهو الوصول بالدول التعبة والممزقة إلى التطبيع مع هذا العدو، فالنزول عن “قائمة الإرهاب” مرتبط بإشارة “إسرائيل” وليس بأي معطيات أو سلوكيات أخرى.
استنفدت الخزائن العربية في دعم الجيوش التي كان شعارها تحرير فلسطين، لدرجة نسيت بعض الدول العربية التنمية الشاملة وأزاحتها من برنامج عملها، إلى أن تصل إلى اليوم الذي “تتسول” فيه دولة ما القمح، فيأتيها “الغيث” للأسف من كيان عدو محتل لفلسطين ، بعد أن تتجاهل الدول المنتجة للقمع طلبات الدول المحتاجة، وكأن هناك اتفاقاً ضمنياً على أن يأتي “الغيث” من العدو لكسر الحواجز النفسية ابتداء من رغيف الخبز ! عجيب، كيف وصل البعض إلى هذه النهايات رغم ما تمتلكه الدول العربية من ثروات؟
إن هذا الزمن العربي المنكسر في بعض زوايا الأرض العربية ليس هو الزمن الأفضل، لكن الوقوع في السقطات القاتلة ليس الخيار الأفضل والأوحد، فالتحول إلى وريقات انتخابية أمريكية في زمن التداعي الأمريكي هو خسارة مضاعفة، فالأمريكي “صاحب العصا الغليظة” مشغول بنفسه، ما يعني أن القليل من الصبر لا يضر صاحبه، فالانقلاب بدرجة 180 درجة يضع بقية العرب في وضع غير متوازن مع العدو.
“الإرهاب” الذي تراه أمريكا هو المقاومة التي تردع الكيان الإسرائيلي بالسلاح أو بالفكر أو بكليهما معاً أو حتى مقاطعته دبلوماسياً أو اقتصادياً، فكانت ولا تزال من تحمل الشرف حتى لو سمته أمريكا “إرهاباً”.. ليكن، إن لم يكن الحل يرضي كل العرب وبالأخص الشعب الفلسطيني.