رياح اليسار تقتلع اليمين “المتأمرك”
هبّت رياح اليسار في بوليفيا بقوة لتأخذ في طريقها اليمين العميل لأمريكا وتذروه بعيداً ليتلاشى أثره فيما بعد، فكل المحاولات الأمريكية لإيجاد أذرع لها في أمريكا اللاتينية تنتهج نهجها وتكون تحت طاعتها وإن نجحت في بعض الدول، لكنها تلقت صفعة إستراتيجية كبيرة ومدوية في بوليفيا سُمع صوتها قوياً على الساحة الدولية، كما تلقت مثلها قبل في فنزويلا.
ثأر انتصار اليسار في بوليفيا لعام مضى من الفوضى والقمع والعنف على يد المعارضة التي دعمتها وحركتها واشنطن، انتصار أتى عبر إرادة السكان الأصليين التي أجهضت كل محاولات أمريكا لتغيير وجه بوليفيا خصوصاً وأمريكا اللاتينية عموماً، كما أكدت المحافظة على الإرث اليساري المتجذر في بوليفيا والمحافظة على استمرار النهج المناهض لأمريكا التي تحاول على الدوام زعزعة استقرار وأمن الدول ونشر الفوضى والاضطرابات.
انتصار اليسار الذي كرسه فوز الرئيس المنتخب لويس آرسي يعني هزيمة مدوية لليمين العميل لأمريكا، وهذا يعني انفلات الأمور من اليد الأمريكية في مقابل تكريس وتثبيت إنجازات الرئيس السابق إيفو موراليس -أطاحت به أمريكا بانقلاب عسكري العام الماضي- بالابتعاد عن الفلك الأمريكي وتأميم الشركات والابتعاد عن خصخصتها وبالتالي حماية ثروات البلاد من العبث الخارجي، كما قلب فوز اليسار الطاولة على مسلسل الانقلابات التي تنتهجه الإدارات الأمريكية كما العقوبات تماماً كإحدى وسائلها لإسقاط أنظمة معينة واستبدالها بأنظمة عميلة، ويؤكد أن سيناريو الانقلابات لم يعد منتجاً كما سابق عهده.
انقلبت المعادلات على أمريكا وفي ما تعده “حديقتها الخلفية” وهذا يؤسس فرصة حقيقية لقيادة انقلابات مضادة أي انقلابات يقوم بها الجناح اللاتيني اليساري على العنجهية الأمريكية، انقلابات سياسية واقتصادية وثقافية تُحصن البيئة الداخلية في كل أمريكا اللاتينية، وتعطي أملاً ودفعاً للشعوب اللاتينية التي انقادت بعض حكوماتها كالبرازيل للفلك الأمريكي بإعادة تصحيح المسار وإن احتاج ذلك لبعض الوقت.
ما أسسته أمريكا فشل، وفشلت معه المساعي الإسرائيلية فحيث تكون أمريكا تكون “إسرائيل” ولا تخفى على أحد اليد الإسرائيلية في أمريكا اللاتينية عبر شركاتها “الأمنية” ومرتزقتها، والفشل الإسرائيلي هنا يتمثل في اجتياز بوليفيا لمحنتها باعتبارها أحد داعمي القضية الفلسطينية على المستوى الدولي وحركات التحرر العالمية عموماً.
بالمحصلة، أسقطت الديمقراطية الحقيقية في بوليفيا “الديمقراطية” الأمريكية المزعومة، وعرّت كل المزاعم الأمريكية “بالحرية للشعوب وتحريرها” من قيودها.