تمويل قطري لحروب أردوغان
ليست زيارة عابرة أو بريئة, أن يطير رئيس النظام التركي رجب أردوغان إلى حليفه القطري تميم بن حمد في هذا التوقيت بالذات, في الوقت الذي يقحم بلاده في الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيجان وصب الزيت على النار لتأجيج الأزمة وجرها إلى حرب يشتهيها أردوغان لتحقيق أطماعه من جهة والانتقام من أرمينيا العدو التاريخي للدولة العثمانية من جهة أخرى.
لم يطر أردوغان إلى تميم مرة إلا وكان يريد من وراء زيارته استجداء المساعدة المالية من الحليف الذي لم يبخل عليه ولا مرة في تمويل أي صراع جديد يقحم بلاده فيه, خاصة أنهما شريكان في الأزمات والحروب التي تنتشر في المنطقة, واقع الحال الذي يرتّب على الحليف النفطي المزيد من التمويل المشبوه، في ظل تقليص معظم شركاء تركيا لمستوى التعاون معها بعد تورطها بالكثير من الصراعات وتهديدها للسلام والأمن في المنطقة.
والصراع الجديد الذي يوغل أردوغان فيه, هو الأزمة المشتعلة بين أرمينيا وأذربيجان, وما لا شك فيه أن تدخل أردوغان بإعلانه جهاراً رفض وقف إطلاق النار ودفعه أذربيجان لمواصلة التصعيد ودعمها بالمرتزقة, يحتاج إلى تمويل لمد المرتزقة بالمال والسلاح ونقلهم إلى أرض المعركة في منطقة ناغورني قره باغ.
ما يشي بأن الغرض من زيارة أردوغان التي استمرت ساعة وعشر دقائق, هو غياب أي معلومات رسمية مهمّة بشأن ما جرى بحثه بين أردوغان وتميم اللذين اكتفيا أمام عدسات الإعلام بتبادل العبارات البروتوكولية المعهودة للتستر على ما دار بينهما, تحت غطاء الأسطوانة المكررة “بحث العلاقات الإستراتيجية بين البلدين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها في شتى المجالات”.
فيما توقيت الزيارة وسريتها ينم عن غطاء مالي قطري للتدخل التركي في الصراع بمنطقة ناغورني قره باغ الذي توسّع وارتفعت فاتورته المالية بشكل يتجاوز قدرات تركيا المأزومة أصلاً بسبب الأزمات المالية والعثرات الاقتصادية المتلاحقة بفعل السياسات “الأردوغانية” العدائية الرعناء.
بحكم التجارب السابقة لشكل التحالف بين التركي والقطري وأطماعه, فإنه من المتوقع أن تشهد الحدود الشمالية بين أرمينيا وأذربيجان تصعيداً غير مسبوق بعد أن يتلقى أردوغان الدعم المالي الذي سيمول بجزء منه جر التصعيد إلى حرب طاحنة بين البلدين, فيما سيروج بالجزء الآخر لبعض وعوده الخلبية في ظل أزمة اقتصادية حادة لا يزال أردوغان يتهرب من الإقرار بها باستعراض العضلات والتورط أكثر في الصراعات الإقليمية.