حقيقة أمريكا
“90” دقيقة من الشراسة والفجور والفضائح ونشر الغسيل الوسخ حسب وصف صحيفة “نيويورك تايمز”.. كانت المناظرة الأولى أشبه بمنازلة مراهقين في مقتبل العمر رغم أنهما في الـ73 من العمر.. حضر الصراخ والفسق وفق تعبير صحيفة “لواشنطن بوست”.. “فوضى ملتهبة داخل حطام قطار وسط حريق القمامة وفق توصيف شبكة “سي. إن. إن”.
هذه الانتخابات أفرزت عنصرية وشعبوية وانقسامات مجتمعية وحزبية وانحداراً في القيم والسلوك والأخلاق والتهذيب بين المرشحين وأنهما وجهان لعملة واحدة وفق صحيفة “لوس أنجلوس”.. ما شاهدناه وشاهده أكثر من أربعمئة مليون مشاهد محلي ودولي لم يكن مناظرة بل مشاجرة على الهواء على حد تعبير روبرت غينس المتحدث الرئاسي الأسبق إبان إدارة الرئيس باراك أوباما.
هذا غيض من فيض، وبعض مما أوردته الصحف الأمريكية الشهيرة، فإذا كانت هذه المناظرة الأولى، التي وصفها الإعلام الأمريكي والغربي بالعار والمهزلة والفوضى والنباح والغطرسة والعنصرية والفوقية والغموض فكيف ستكون الثانية والثالثة المقررة قبيل موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية المزمع إجراؤها في الثاني من تشرين الثاني من العام الجاري، بين مرشح الحزب الجمهوري الرئيس الحالي دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن، بالطبع ستكونان أكثر فضائحية وشراسة وأقل تهذيباً واحتراماً للشعب الأمريكي والمشاهدين وبعيدتين عن اللياقة والأخلاق.
إذاً وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها، وهل هناك أوضح وأجزل وأصدق مما قيل بأن هذه الانتخابات سوف تكون الأسوأ في التاريخ الأمريكي، ورغم قسوة الوصف، إلا أن حقيقة أمريكا، أسوأ وأوسخ من ذلك وقد تأخرت الصحف الأمريكية برفع الغطاء عن سلوكيات قادتها بعد سقوط أقنعتهم..
كان المواطن الأمريكي يتوق لسماع حلول للازمة الاقتصادية الخانقة، وترياق لجائحة “كوفيد19” التي حصدت حتى كتابة هذه الكلمات أكثر من ربع مليون أمريكي وإيجاد حلول للانقسام العنصري والشعبوي المتجذر في أمريكا منذ تأسيسها، وللمظاهرات والاحتجاجات المتصاعدة التي تعم المدن والساحات الأمريكية على خلفية مقتل المواطن الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد سحلاً وخنقاً، لا أن يسمعوا التلاسن والتجريح والنباح والتوتر والمشاحنات والإحباط والفوضى على الهواء مباشرة وهذا أمر طبيعي خاصة بعد تلويح ترامب لمناصريه بالتصويت مرتين!، وعدم نيته مغادرة البيت الأبيض إذا لم تكن النتائج لصالحه!، واللجوء إلى المحكمة العليا للطعن بالانتخابات!، وتجييش أنصاره العنصريين لقمع أنصار الحزب الديمقراطي.
كما هو واضح هذا حال أمريكا اليوم والتي سوف تستمر حتى إعلان اسم الرئيس الفائز، ومن هذا الوقت إلى ذلك الوقت لا يستبعد أي هروب للإمام أو إلى الخلف لرئيس أكبر دولة عدوانية إرهابية احتلالية لتحقيق مكاسب انتخابية.