ساسة الخداع والتآمر
ما يبدو جلياً، خلال الفترة الزمنية السابقة وما تلاها من سنوات قليلة وصولاً إلى ما هو عليه اليوم، أن أغلبية الأنظمة العالمية، ولاسيما الأنظمة الغربية، تعيش حالة فريدة من فقدان الحياء السياسي والأخلاقي، فتكشف بلا وجل ولا خجل عن وجوه سافرة تتطاير منها شظايا الشر والعدوان والخيانة والتآمر على شعوبها حيناً وعلى شعوب العالم حيناً آخر.
فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يدّعي أنه ونظام حكمه “يحاربان الإرهاب ويحاولان القضاء عليه واجتثاثه من جذوره وملاحقة عناصره”، كشف مؤخراً أنه كان يخطط لاستهداف الرئيس بشار الأسد، وكانت لديه النيّة الإجرامية الكاملة للإقدام على هذا الفعل الإرهابي وتنفيذه، ما يضعه في الصف نفسه مع الإرهاب الذي يدّعي كذباً أنه “يحاربه ويقاتله ويتصدى لأفعاله الإرهابية”.
ورئيس النظام التركي رجب أردوغان الذي يتشدّق كذباً “بوقوفه” إلى جانب شعوب المنطقة سواء في ليبيا أو غيرها من البلدان العربية تراه يصرّح علناً بتجنيده المرتزقة من الإرهابيين لقتال الشعب الليبي ونهب ثرواته وممتلكاته.
وليس حال هذين المجرمين ترامب وأردوغان بأسوأ من حال الأنظمة الأوروبية التي تتحدث عن “العدالة والحرية والديمقراطية” صباحاً ومساءً، وتتبجح “بدعمها حق تقرير الشعوب لمصائره”، وتراها في الوقت ذاته تثير البلابل والقلاقل والاضطرابات في الدول التي لا تسير في ركابها الاستغلالي والاستعماري كما تفعل اليوم ضد بيلاروس، وكما فعلت ضد فنزويلا وقبلهما في جورجيا وأوكرانيا والعديد من دول العالم التي لا يتسع المجال لذكرها.
وأما الخيانة والتآمر فحدِّث ولا حرج، فما كان يجري في الخفاء في الفترة الماضية ويُحاط بستائر سميكة خوفاً من انكشافه وانفضاحه أصبح اليوم يجري أمام وسائل الإعلام والكاميرات الفضائية وكأن التفريط بحقوق الشعوب والتآمر على قضاياها فعلٌ “يستحق الثناء”.
باختصار؛ لقد أصبح العالم اليوم أمام معايير مقلوبة ومفاهيم مشوّهة، فالتفريط والتآمر أصبحا “جرأة”، والإرهاب “معارضة مسلّحة”، والاغتيال السياسي العلني “وسيلة للحوار”، والتدخّل في الشؤون الداخلية للدول والشعوب والحكومات “طريقة معتمدة لدعم الديمقراطية وحرية التعبير”، ولم يسع المتابع لما يجري عالمياً سوى استذكار المثل القائل: «إذا لم تستحِ فافعل ما شئت».