أمريكا .. والمزيد من الخيبات
العلاقات الدولية ليست بأفضل حالاتها و”شريعة الغاب” هي السائدة في هذا القرن الذي بدأ أمريكياً، “فالقطب الأمريكي” المهيمن يعمل على “فرض” القوانين ونقضها متى شاء ذلك، ويحاول أخذ الدول إلى حيث شاء راضية أو مكرهة، فالعقوبات سلاح أمريكي استخدم كثيراً في وجه الدول، لكن التحولات الدولية بدأت تأخذ فعلها.
الأصوات بدأت تعلو في وجه أمريكا، ولأول مرة منذ مطلع هذه الألفية تجتمع دول مختلفة على رفض إملاءات أمريكا بفرض عقوبات على إيران، فالجبهة التي تقف في وجه الولايات المتحدة الأمريكية في المنابر الدولية طويلة وكبيرة، تمتد من حلفاء لها في أوروبا كما روسيا ودول أخرى والصين غير بعيدة.
ما يحدث هو سابقة في العلاقات الدولية، فالجميع يطالب الإدارة الأمريكية بأدلة وبراهين على مزاعمها “تجاوز” إيران للاتفاقيات الدولية، وهذا خطوة في طريق وضع حد “للزعرنة” الأمريكية على الساحة الدولية باسم القانون الدولي، رغم أن أمريكا ليست بحاجة لغطاء من الأمم المتحدة لتعتدي على الدول، لكن هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تصاعد قوى وهبوط أخرى والأهم تشتت القوة الأمريكية وغرقها في بؤر يصعب عليها الحسم فيها، إضافة لاضطرابات داخلية عنصرية واقتصادية جعلتها تلجأ إلى الأمم المتحدة متكئة على “أمجادها” السابقة في فرض رأيها بالترغيب والترهيب، لكن أمريكا خاب ظنها لأن الدول الحليفة لها لا تريد الذهاب خلفها إلى المجهول، كما أن الاقتصاد والأمن العالمي لا يحتمل المزيد من مغامرات واشنطن.
تأخذ الانتخابات الأمريكية حيزاً كبيراً في هذا التصعيد ضد طهران، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى بالتصعيد في مياه الخليج فرصته لإشغال الرأي العام الأمريكي الذي تُظهر استطلاعات الرأي أنه يبتعد عن ترامب الذي بدوره يرى بشد العصب الأمريكي تجاه حدث خارجي فرصته الأخيرة ، وخاصة مع ضغط “للوبي” صهيوني محيط بترامب بأن الساحة المخولة للتسخين هي ضد إيران، أي بأن يزيد “الضغط” على إيران ودفعها للرد، لكن طهران وإضافة لروسيا والصين ترفض إلى اليوم منح ترامب هذه الفرصة من خلال عملية ضبط الأعصاب.
تفويت فرصة الحرب على الإدارة الأمريكية يمنح العالم فترة من الهدوء الضروري لمراجعة الدول لحساباتها، بعد مسايرة بعض الدول وإذعان بعضها الآخر لواشنطن في عدوانها على الأمن والسلم العالميين.