واشنطن.. ونهاية عهد التفرد والهيمنة
لا يختلف اثنان على تراجع مكانة واشنطن العالمية ونهاية عهد التفرد والهيمنة الأمريكية بفعل سياسات ساكن البيت الأبيض وخطاباته وقراراته غير المدروسة, ورغم كل المحاولات المحمومة التي تقوم بها الإدارة الأمريكية للاحتفاظ بدورها المهيمن في العالم, إلا أن واشنطن في حقيقة واقع الحال تسير بسرعة نحو الخسارة، بكل ما يترتب على ذلك من عزلة أميركا والاحتمالات المتزايدة لانفجارها من الداخل.
متتبع المشهد الأمريكي لا يستطيع أن يتمالك نفسه من الدهشة أمام الطرائق والأساليب التي أساءت بها واشنطن إلى إدارة هيمنتها واستخدام قوتها, ما أدى إلى خسارة الحلفاء وتحفيز الأعداء.
وكما شرعت الهيمنة الأمريكية في التمدد في بداية تسعينيات القرن الماضي من دون أن يشعر بها أحد، صعدت قوى عظمى أخرى إلى الساحة الدولية نهاية العقد نفسه بخطا ثابتة كروسيا والصين اللتين كانت تشقان الطريق نحو إعادة بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب بهيكل جديد للقوى الدولية منهياً الهيمنة الأمريكية، نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يتاح فيه لكل دولة مهما كان حجمها أن تصون سيادتها بالتعاون الإيجابي مع جميع دول وشعوب العالم الأخرى على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة, وليس كما الحال في نظام القطب الأوحد الذي كانت تتزعمه واشنطن الذي يحتكر فيه الغرب المكون من أمريكا وحلفائها، النفوذ والهيمنة.
اللافت أن التعاون بين روسيا والصين يخرج عن نطاق التعاون العادي، للوصول لتشكيل حلف عسكري بين العملاقين. وأمام هذا التحالف يتخوف الغرب وفي مقدمته أمريكا، من تعميق التعاون التكنولوجي والعسكري بين روسيا والصين, باعتبار أن تحالف بين دولتين بهذه القدرات الاقتصادية والعسكرية، كما لروسيا والصين، سيؤدي حتماً إلى قلب كل الميزان الجيو-استراتيجي حول العالم.
والأنكى بالنسبة للغرب, هو أن روسيا والصين لم تتوقفا عند حدود التعاون فيما بينهما، بل اتجهتا نحو التعاون مع إيران التي تحمل لواء المواجهة والمقاومة إلى جانب دول حرة في مقدمتها سورية, ضد الامبريالية الأميركية.
وأمام هذا الواقع الدولي الجديد, على واشنطن أن تدرك أن حقبة النظام العالمي ذي القطب الأوحد قد ولت إلى غير رجعة وأن الهيمنة الأمريكية على العالم لا تشهد تراجعاً فحسب وإنما تعيش حالة من التفكك، وتراجعها ليس حالة مؤقتة وإنما هو وضع دائم.